يعدها : ابن تريعة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسلب ألباب معاصريه من صحابته فحسب، بل كان ملجأ المهمومين ومفرج كرب المكروبين وملاذ ومأمن البائسين ومجير الخائفين به يتوسلون الى الله سبحانه وتعالى لمكانته ورفعته صلى الله عليه وسلم، وكيف لا وبه نتقرب الى الله سبحانه وتعالى وقد أمرنا سبحانه بذلك "إن اللّه وملائكته يصلّون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما "·
فأمرنا بالصلاة عليه والتسليم وفي كل صلواتنا نصلي عليه وعلى آله محبة فيه ونسلم فهو النبي الطيّب الطاهر المبارك، فكيف لا يلوذ به المستجير فقد قال أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته "نهج البردة" التي نهج بها قصيدة البردة للإمام محمد البصيري والتي مطلعها في قول شوقي:
"ريم على القاع بين البان والعلم أحل سفك دمي في الأشهر الحرم الى أن يقول مستجيرا بالرسول صلى الله عليه وسلم·
"إن جلّ ذنبي عن الغفران لي أمل في الله يجعلني في خير معتصم ألقي رجائي إذا عز المجير على مفرج الكرب في الدارين والغمم إذا خفضت جناح الذل أسأله عز الشفاعة لم أسأل سوى أمم وإن تقدم ذو تقوى بصا لحة قدمت بين يديه عبرة الندم لزمت باب أمير الأنبياء، ومن يمسك بمفتاح باب الله يغتنم"
فهذا شوقي الذي تقلب في القصور بين الملوك والأمراء جال عواصم الحضارة الغربية، لم يجد راحة ولا سكينة إلا في مدح رسول الله واللجوء اليه وسكب دموعه معترفا بذنوبه التي وإن كانت عظيمة فإن أمله في الله أن يجعله في خير معتصم وهو محمد رسول الله ولم يكن الرسول ملاذا في الآخرة فقط ، بل في الدنيا أيضا كما قال شوقي في الدارين لأنه هو يفرج الكربات والهموم والغموم، ويضيف أمير الشعر ذاكرا مناقب رسول الله قائلا: "فكل فضل، وإحسان وعارفة ما بين مستلم منه وملتزم علقت من مدحه حبلا أعزّ به في يوم لا عزّ بالأنساب واللحم"
فهكذا يلقي شوقي حبل خلاصه الى الرسول صلى الله عليه وسلم ويتعلق به في يوم لا مخلص ولا ينفع فيه النسب والجاه والقرابة ولكن رسول الله هو الشفيع، إن الرسول الذي ينقذ الانسانية من الظلمات ويخرجها الى النور لجدير بالاحترام والتقدير والحب، ولكن أجهل الجاهلين هو ذلك الذي يخوض في شيء لا يعرفه، ولم يرسم صاحب الرسوم إلا نفسه وطويته الخبيثة الحاقدة فانعكس حقده الأعمى ليكون قنبلة لم تنفجر في الدانمارك وحدها، بل وصلت أذيتها مشارق الأرض ومغاربها·