أظهر المعرض المقام مؤخرا بمقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين حول المرأة المنتجة، التحديات التي وقفت عليها النساء الجزائريات في سبيل إثبات وجودهن في مجتمعهن، فكان منهن المثقفات ودون ذلك، والمعاقات والناشطات في العمل الجمعوي، جمعهن هدف عرض إبداعاتهن رغم الصعوبات التي ما تزال ثلة منهن يواجهنها في إنجاز حرفهن أو تسيير مؤسساتهن المصغرة. ''المساء'' طرحت على عدد منهن إشكالية محددة تدور حول المفاضلة بين الشهادة الجامعية والحرفة اليدوية. متطلبات الحياة كبيرة، وهمومها أكبر والمرء أمام هذا وذاك مغلوب مهما وصل، لكن والحالة هذه لا يمكن التقاعس والتواكل وانتظار المجهول، بل لابد من مواجهة المصاعب مهما كانت، فتحسين الوضع المادي أصبح رغبة لا تقهر لدى الكثيرين، مما جعل عددا من الجامعيين والعاملين والموظفين على اختلاف مشاربهم يعملون جاهدين على تغيير مسار حياتهم الفكرية والمادية بالحصول على الشواهد المساعدة على تسلق المراتب، ومنها تعلم حرف يدوية، لعل هذا ما جعل البعض يدرك أن صعوبة الحصول على عمل يوافق الشهادة يجعلهم يسعون لتحويل مسارهم المعرفي نحو تلقي حرف يدوية يتمكنون من خلالها من تغيير مسارهم المهني وتحقيق مدخول مادي عوض الاستسلام للبطالة. كان هذا هو المسار الذي اتخذته بعض النساء اللواتي التقتهن ''المساء'' بمقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين بمناسبة يوم المرأة العالمي، إذ حدثتنا الآنسة بن مخلوف إيمان الحرفية في الرسم على الزجاج من ولاية تلمسان في الموضوع فتقول إنها تكونت في فن الخياطة في بداية مشوارها الحرفي، وبالموازاة تعلمت الرسم على القماش. شاركت الحرفية في عدة معارض جهوية ووطنية، وهي المشاركة التي جعلتها تقتنع بضرورة مواصلة مشوارها الدراسي، فسجلت لتدرس بالمراسلة، وقد وضعت نصب عينيها النجاح في البكالوريا والالتحاق بالمعهد العالي للفنون الجميلة، وحجتها في ذلك أن هذا التكوين العالي سيسمح لها بإنشاء رسوماتها بنفسها، أما الشهادة الجامعية فهي التي ستسمح لها بمواجهة الزوار في المعارض كونها موازية للمستوى العلمي العالي، كما أنها ستسمح لها بأن تصبح مدرسة رسم أو مكوّنة في معهد للتكوين. من جهتها تعتبر السيدة تقار حسيبة حرفية في الزخرفة على الزجاج أن عملها كمهندسة إعلام آلي في مؤسسة عمومية بعد تحصلها على شهادة من جامعة باب الزوار في المجال، لم يقف يوما عائقا أمامها لتعلم حرفة يدوية تعتبرها أحسن ألف مرة من القبوع وراء المكتب وانتظار انتهاء ساعات الدوام الوظيفي اليومي، فما كان منها إلا أن وضعت حدا لعملها الوظيفي ومكثت سنوات بالبيت لتربية بنتيها جيهان وريان، وبعد زمن فضلت عدم العودة لوظيفتها أو العمل بشهادتها الجامعية وإنما فضلت تلقي تكوين حرفي ، فالتحقت بمركز التكوين المهني والتمهين ''محمد زيتوني'' بدالي ابراهيم، وتلقت تكوينا في حرفة الزخرفة على المرايا، وهي الحرفة التي تريد صقلها أكثر بحيث تراودها فكرة الالتحاق بالمعهد العالي للفنون الجميلة حتى تتصرف في الرسوم والأشكال على المرايا بحرية كبيرة. أما الآنسة فايزة زراوي الجامعية التي تخرجت في 2004 من جامعة فرحات عباس بولاية سطيف تخصص أدب عربي فهي ترى أن الدبلوم الحرفي أحسن بالنسبة لها، فهي قد تعلمت فن الخياطة التقليدية عن والدتها ثم تلقت شهادة في ذات الحرفة من معهد التكوين بالمدينة وتعتبر الحرفة اليدوية أحسن للمرأة من الشهادة الجامعية كون الحرفة تمكن المرأة من العمل والإنتاج وهي بالمنزل، أما الشهادة فقد تواجه حاملتها شبح البطالة إن لم تجد عملا مناسبا لشهادتها.. كذلك الحال بالنسبة للسيدة علوان أمال، وهي صحفية تخرجت من مدرسة خاصة للصحافة بمدينة سطيف في 2005 وعملت في الإذاعة الجهوية فترة قصيرة، إلا أن انخراطها في العمل الجمعوي (حيث أنها عضو في جمعية ''النساء الجزائريات للتضامن مع الأسرة الريفية'') جعلها تحتك بالنساء الحرفيات اللائي تقول عنهن إنهن مبدعات فآثرت تلقي صنعة يدوية تختص بصناعة ''البنوار السطايفي'' وهو اللباس التقليدي للمنطقة، وتعلق بقولها ''الواقع يثبت أن مردود الشهادة الجامعية ضئيل، أما الحرفة اليدوية فمردودها قوي خاصة اللباس التقليدي الذي تحافظ عليه الذاكرة ويبقى راسخا إلى الأبد''.