الجزائر متمسكة بالإجماع في اختيار الأمين العام الجديد للجامعة يشارك السيد مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية في الاجتماع غير العادي لوزراء الشؤون الخارجية العرب المقرر عقده اليوم بالقاهرة، حيث ينتظر أن يتم خلال هذا الاجتماع تعيين الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية، خلفا للسيد عمرو موسى الذي تنتهي عهدته الثانية يوم 15 ماي .2011 وذلك حسب بيان لوزارة الخارجية أمس. وكان نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، السفير أحمد بن حلي قد أعلن مؤخرا بأنه تقرر عقد الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية العرب في الخامس عشر ماي الجارى بمقر الجامعة العربية برئاسة سلطنة عمان. وقال بن حلي إن الاجتماع سيركز بالخصوص على مناقشة بند واحد وهو تعيين أمين عام جديد لجامعة الدول العربية خلفًا للأمين العام الحالي عمرو موسى الذى تنتهى مدة ولايته في نفس يوم الاجتماع. ويتنافس المرشحان المصري مصطفى الفقي والقطري عبد الرحمن العطية على شغل هذا المنصب، في الوقت الذي نفى فيه وزير خارجية العراق هوشيار زيبارى وجود مرشح عراقي لشغل هذا المنصب. وتؤكد الجزائر حرصها على التوصل إلى إجماع حول مرشح لخلافة الأمين العام عمرو موسى، مؤكدة على لسان وزير الخارجية السيد مراد مدلسي خلال استقباله الدكتور مصطفى الفقي مرشح مصر للمنصب الذي زار الجزائر نهاية شهر أفريل الماضي ''أن الجزائر لا تساند أي مرشح، كما أنها لا تعارض أي مرشح، بل تدعو إلى اختيار يقوم على الإجماع خاصة وأن الجامعة العربية تمر بفترة مفصلية في تاريخها، بسبب ما يحدث في بعض الدول''. في حين أشار الفقي إلى أن اللقاء الذي جمعه بالوزير مدلسي أظهر حرص الجزائر على عدم اللجوء إلى التصويت في مسألة اختيار الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية، مفضلة التوصل إلى إجماع حول المرشح القادم. وهكذا تكون الجزائر قد قدمت تطميناتها للمرشح المصري بخصوص عدم مساندتها أو معارضتها لأي مرشح، لا سيما وأنها كانت منذ سنوات من الداعين إلى إجراء إصلاح لهياكل الجامعة العربية بما فيها تدوير منصب الأمانة العامة لكي لا ينحصر في دولة دون أخرى كما هو جار في التكتلات الإقليمية والدولية الأخرى، وهو ما أثار الكثير من التحفظ والرفض من قبل السلطات المصرية في عهد نظام الرئيس السابق حسني مبارك، حيث رأت أن المنصب يجب أن يظل مصريا رغم الظروف العصيبة التي كانت تمر بها الدول العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي وصلت إلى الانسداد. ولوضع حد للتأويلات التي أثارتها القاهرة بسبب هذه النقطة المثارة قبيل عقد قمة جامعة الدول العربية التي احتضنتها الجزائر في سنة ,2005 فقد أكدت بلادنا في عدة مناسبات عدم اهتمامها بتقديم مرشح لها لهذا المنصب، مؤكدة أن رؤيتها تنصب في إطار استحداث رؤية جديدة لآليات الجامعة وتكييفها مع المستجدات الدولية الراهنة. وبلا شك فإن الفتور الذي عرفته العلاقات الثنائية بسبب مباراة كرة القدم التي جمعت الفريقين الجزائري ونظيره المصري بأم درمان بالسودان في نوفمبر 2009 في إطار تصفيات كأس العالم التي أسفرت عن تأهل الفريق الوطني الجزائري إلى مونديال جنوب إفريقيا، قد زاد في تباين الرؤى بسبب استغلال هذه المباراة من قبل النظام السابق لدوافع سياسية داخلية في القاهرة والذي لم يتردد في سب الجزائر وتوجيه التهم لها من أجل تبرير خسارة مباراة في كرة قدم، تبين فيما بعد أنها مجرد سيناريوهات باطلة. وأمام الظروف الاستثنائية التي تمر بها الدول العربية والمعطيات التي رسمتها التغيرات السياسية بعد رحيل بعض القادة كما هو الشأن للرئيس السابق حسني مبارك، فقد برزت في الأفق صورة جديدة للواقع العربي الذي لم يحدد بعد أطر التعامل الدولي وهو ما عكسه التأجيل المتكرر للقمة العربية المزمع عقدها ببغداد والتي تم الاتفاق على عقدها السنة القادمة. وأمام هذه التطورات فقد فضلت الجزائر مسايرة التوجهات الجديدة وهي التي سبق وأن أكدت على لسان مسؤوليها بأن ما يجري في هذه الدول لا يعنيها وفق مبدئها القاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مشيرة إلى أنها تحترم إرادة الشعوب في اختيار من يحكمها ومن يتكلم باسمها وأن ما حدث مثلا في تونس ومصر كان يعبّر عن مطلب أعلنه الشعبان في تغيير النظامين اللذين كانا يحكمانهما، وهو ما تجلى في الاتصال الذي أجراه رئيس مجلس الوزراء المصري السيد عصام شرف مع الوزير الأول السيد أحمد أويحيى في الرابع من أفريل الماضي، حيث قدم شرف اعتذارا رسميا للجزائر بعد حادثة اقتحام أنصار لملعب القاهرة للاحتجاج على الحكم الجزائري الذي أدار اللقاء الذي جمع الزمالك المصري بالنادي الإفريقي التونسي، كما أكد الوزيران الإرادة المشتركة لحكومتي البلدين في عدم ادخار أي جهد لتعزيز علاقات الأخوة والصداقة العريقة التي تربط الشعبين. وإذا كان ذلك يمثل إرادة مصرية لتدراك ما فات وتصحيح ما أفسدته الرياضة في السياسة لا سيما بعد إعلان رئيس مجلس الوزراء المصري عن زيارة مرتقبة له للجزائر لتعزيز العلاقات الثنائية، فإنه يظهر من الموقف الجزائري نوعا من التفهم للظروف الاستثنائية التي تمر بها مصر لا سيما وأن هذه الأخيرة كانت تعتبر دوما دولة محورية في استراتيجية السياسة العربية وأن أكثر ما تحتاجه حاليا هو إعادة الدور المحوري الحقيقي للقاهرة المغيب مند عقود في المنطقة العربية. وهو ما جعلها لا تكترث لتقدم مرشح مصري لمنصب الأمانة العامة للجامعة العربية مع المرشح القطري عبد الرحمن عطية الذي تشهد علاقات الجزائر مع بلاده أيضا تقاربا كبيرا، ورغم ذلك، فقد أكدت الجزائر أنها لن تقبل إلا بالإجماع في اختيار الأمين العام الجديد من باب تفادي أي تمييز بين المترشحين الوحيدين. للإشارة فإنه تطرح حاليا ثلاثة سيناريوهات لاختيار الأمين العام الجديد ذلك أنه في ظل وجود مرشحين فقط على المنصب، فالسيناريو الأول يتمثل في اختيار الأمين العام بتوافق الآراء وفق ما نص عليه ميثاق الجامعة العربية منذ تعديل الميثاق في قمة الجزائر عام .2005 وإذا لم يتم تحقيق التوافق سيتم اللجوء لقاعدة التصويت وهو ما يتطلب حصول المرشح على ثلثي الأصوات (14 عضوا بعد تجميد عضوية ليبيا). أما السيناريو الثالث فهو تأجيل الموضوع إذا لم يحدث توافق.