طرحت شبكة وسيلة لمناهضة العنف ضد المرأة إصدارا جديدا، تمثل في ''دليل مرجعي لممارسي الصحة '' يعد تكملة للكتاب الأسود، حيث تناول موضوع العنف الزوجي، ويكمن الهدف من وراء إصدار هذا الدليل المرفق ببعض المطويات والموجه أساسا إلى كل الأطباء العاملين بقطاع الصحة، في الإسهام في توعيتهم حول سبل الكشف عن العنف الممارس ضد المرأة من خلال الملاحظة، كما يحوي بعض التوجيهات التي تساعد الطبيب على تخليص المرأة المعنفة من مخاوفها ودفعها الى التعبير عن مشاكلها وهمومها. تمخضت فكرة إنشاء دليل خاص بالعاملين في قطاع الصحة، عن التحقيق الذي قامت به بعض الناشطات بشبكة وسيلة، إذ تبين لهن أن العاملين بالسلك الطبي سواء أكانوا أطباء أو قابلات أو أخصائيين نفسانيين، يجهلون انه يقع على عاتقهم مهمة البحث مع المرأة التي تتقدم إليهم بغية طلب الفحص، عما إذا كانت معنفة في محيطها الأسري، ذلك لأن التحقيق الذي تم على مستوى ولاية البليدة، كشف أن بعض النسوة يقصدن العيادات الطبية بسبب العنف فيطلبن العلاج، إلا أنهن يرفضن الإفصاح عن العنف الذي خضعن له، ولأن الأطباء لا يبحثون في الأسباب ويكتفون بتحرير الوصفة الطبية، طرحت شبكة وسيلة دليلا مرجعيا يساعد الأطباء على معرفة ما اذا كانت بعض العلامات الظاهرة على جسد المرأة تدل على تعرضها للعنف أم لا، ومن خلالها يمكنهم بطريقة خاصة توجيه الأسئلة الى المرأة المعنفة لتحفيزها على الكلام وتوعيتها بحقوقها وبالجهات الموجودة التي يمكنها ان تقدم لها يد المساعدة. وحول هذا الدليل تشرح السيدة لويزة أيت حمو، عضو بشبكة وسيلة، على هامش يوم دراسي حول العنف ضد المرأة أقيم مؤخرا بالمعهد الوطني للصحة العمومية بالابيار، بتفصيل أكثر قائلة '' انطلاقا من التحقيق الذي قمنا به تبين لنا أن الأطباء من خلال مشوارهم الدراسي ليس لديهم تخصص يسمح لهم بالسؤال عن الحالة الصحية غير المصرح، وهو ما اعترف به الأطباء، حيث قالوا كيف نعرف ان المريضة تعرضت لعنف ان لم تصرح بذلك؟ وتتابع : ''لهذا السبب قمنا بإعداد هذا الدليل المرجعي الذي رغبنا من خلاله توجيه عمال قطاع الصحة الى بعض المسائل الهامة التي ينبغي لهم أخذها بعين الاعتبار عند فحص المريضات، وذلك بالاعتماد على الملاحظة واللجوء الى توعية المريضات المعنفات''. من جهة أخرى، تضيف السيدة لويزة أيت حمو، أن العنف ضد المرأة بمثابة المرض القاتل الذي ان لم يتم الكشف عنه ومعالجته قد يودي بحياة المرأة، لذلك فإن مهمة الأطباء لا يجب أن لا تقتصر على تحرير الوصفة الطبية، بل ينبغي عليهم بعد التأكد من تعرض المرأة للعنف، توجيهها الى الأخصائي النفساني وتوعيتها بما تتمتع به من حقوق من خلال اطلاعها على المطويات التي أعدتها شبكة وسيلة.وحول آخر إحصائيات رصدتها شبكة ''ندى'' للدفاع عن حقوق الطفل فيما يخص العنف ضد المرأة، ذكرت المتحدثة ''أن مهمة الإحصاء تقع على عاتق وزارة الصحة، إلا أننا كشبكة لديها مركز إصغاء نتلقى يوميا العديد من المكالمات الهاتفية، وقد تبين لنا ان 80 بالمئة من المتصلات يتعرضن للعنف في الوسط العائلي الى جانب العنف الزوجي، دون إحصاء الحالات التي ترفض الإفصاح عن العنف الذي تتعرض له نتيجة الخوف الذي مرده بعض العادات والتقاليد التي تحكم المجتمع الجزائري. وهي حالات تجهل أن العنف ينعكس سلبا على حياتها وحياة أولادها''.لقي الدليل المرجعي الذي تم توزيعه على ممثلي الصحة المشاركين باليوم الدراسي، قبولا لدى البعض، وعلى رأسهم وزير الصحة جمال ولد عباس، الذي أشرف على الافتتاح الرسمي لليوم الدراسي حول العنف ضد المرأة، حيث قال ''حقيقة تشكر شبكة وسيلة على هذا الإنجاز، إلا اني أريد ان أوضح مسألة مهمة وهي ان العنف ضد المرأة بالجزائر ليس بالظاهرة الخطيرة لأن الجزائر مقارنة بدول أخرى غير معروفة بالعنف ضد المرأة، بدليل ان المرأة بالمجتمع الجزائري تتقلد العديد من المناصب الريادية. وأضاف على صعيد آخر، أنه '' ينبغي على الجمعيات أن لا تكتفي بالتحقيقات، بل يقع على عاتقها ان تقدم للوزارة برامج يمكن الاعتماد عليها في محاربة هذه الآفة''. بينما ولد الدليل لدى البعض الآخر الكثير من الأسئلة، فكان من بينها سؤال وجهته طبيبة مشاركة باليوم الدراسي تمثل في أن ما يحويه الدليل مفيد، إلا انه لا يعد من اختصاصات الطبيب لأنه لا وجود لقانون يستند إليه هذا الأخير للتبليغ عن حالة الاعتداء أو من أجل دفع المرأة الى التعبير عن حالة العنف التي تعانيها في حال رفضها الإفصاح عنه، كما ان المرأة حتى وان طلبت علاج آثار العنف الذي تعرضت له نجدها متحفظة وترفض اتخاذ أي اجراء ضد من اعتدى عليها، خاصة ان كان زوجها، وبالتالي لا يمكن للطبيب حتى تحرير تقرير طبي بما تعرضت له في ظل رفضها. وأشارت المتحدثة إلى عدم وجود جهة يرفع اليها التقرير لحماية المرأة والدفاع عنها. وكان من بين المسائل التي تمت مناقشتها، افتقار المجتمع الجزائري لوظيفة المساعدة الاجتماعية التي من المفترض أنها الجهة التي يجري تبليغها بالاعتداء الواقع على المرأة أو الطفل لتتولى هي بنفسها مهمة التحقيق، ما يدعو إلى وضع استراتيجية قانونية تكفل الحماية الواقعية للمرأة المعنفة وتحثها على التبليغ ورفض حالة العنف.