ثمّنت الشخصيات الدينية التي استقبلتها الهيئة الوطنية للمشاورات أمس بناء مسعى الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على مبدإ الاستشارة العامة، واعتبرت ذلك مؤشر خير يبشر بنجاح هذا المسعى الوطني الهام، مشددة في اقتراحاتها على ضرورة أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية وبناء مستقبل البلاد على أسس صحيحة وقواعد متينة تستمد قوتها من القيم الروحية والوطنية. وفي هذا الإطار أشار الوزير السابق للشؤون الدينية السيد محمد برضوان في التصريح الصحفي الذي أعقب استقبال الوفد من قبل هيئة المشاورات برئاسة السيد عبد القادر بن صالح، إلى ان تلبيته لدعوة الهيئة يعتبر واجبا شرعيا، انطلاقا من مبدإ ''الدين النصيحة''، معربا عن أمله في ان تكون الآراء التي تقدم بها بخصوص القوانين المطروحة للمراجعة والتعديل إيجابية ومفيدة لمستقبل البلاد، فيما أبرز محمد المأمون القاسمي شيخ الزاوية القاسمية ورئيس الرابطة الرحمانية للزوايا العلمية أهمية أن ترسم التصورات التي تقدم بها للهيئة معالم دولة جزائرية قوية تقوم على أساس العدل والحق، ومحدد إطارها في بيان أول نوفمبر .1954 كما شدد المتحدث على ضرورة أخلقة الحياة العامة والتصدي للفساد المستشري في المجتمع، منبها في نفس الوقت إلى أن ''الفجوة والخلل يتعلقان بالممارسات اليومية والتطبيق وليس في النصوص التشريعية''، مشيرا إلى أن الإصلاح واستدراك الخلل تبدأ خطوته الأولى بالتصالح مع الذات وبناء مستقبل على أسس صحيحة وقواعد متينة وعلى القيم الروحية والوطنية التي شكلت دوما سر تماسك المجتمع عبر تعاقب الأجيال. من جهته ثمن السيد محمد الشريف قاهر أستاذ علوم القرآن والحديث بجامعة الجزائر وأستاذ في المدرسة العليا للقضاء وعضو المجلس الإسلامي الأعلى، مبادرة رئيس الجمهورية من اجل تعميق الإصلاحات بالاعتماد على مبدإ الاستشارة العامة، مذكرا بأن هذا الأخير مستمد من تعاليم الدين الإسلامي أصيل وأن الله تعالى أنزل في القرآن سورة كاملة سماها سورة الشورى والرسول العظيم أوصى البشرية جمعاء بأنه ''ما خاب من سأل وما ندم من استخار ما ندم من استشار''. أما بخصوص الاقتراحات التي تقدم بها للهيئة فقد أشار السيد قاهر إلى انه شدد على وجوب جعل الإسلام هو الدستور الأول والمرجع الأصلي للدولة الجزائرية المسلمة، واعتبار العربية هي اللغة الجامعة بالنسبة للجزائريين، مع التأكيد على ضرورة تكوين الأجيال تكوينا إسلاميا يجعلهم محبين للوطن ومدافعين عن أمتهم وعاملين للصالح العام، واعتبار العدل أقوى جيش، والأمن أهنأ عيش. أما الشيخ أبو القاسم عبد الحميد ابن أحمد رئيس مجلس الأعيان بوادي ميزاب ووكيل مجلس الهيئة العليا للهيئات الإسلامية الإباضية الجزائرية، فقد اعتبر خطاب رئيس الجمهورية للأمة في 15 أفريل الماضي منعرجا هاما وحاسما في تاريخ الجزائر، مشيرا إلى أن هذا التشاور الذي لم يسبق له مثيل في الجزائر، يبعث الأمل في النفوس ويزيد في الثقة بمستقبل الأجيال ومستقبل الوطن. وشدد المتحدث على ضرورة ان تراعي هذه الإصلاحات أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية، وتوخي الجدية والمصداقية في تجسيدها، ''مع الالتزام بتعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على ذاكرة الأمة واحترام ثوابت والخصوصيات الوطنية العامة والمحلية تحت ظلال الإسلام''. في حين أوضح الدكتور سعيد شيبان أستاذ بجامعة الجزائر والوزير السابق للشؤون الدينية ان الاقتراحات التي تقدم بها فيما يخص التعديلات الخاصة بالدستور وبالقوانين الأخرى شملت الحيثيات العامة المتعلقة بالتعليم والتربية والتعليم الديني، وكذا المجالين الاقتصادي والاجتماعي، مشددا من جهته على ضرورة جعل المواطن هو الأساس في الحياة السياسية، مع العمل على الرقي به على مستوى عال من العلم والمعرفة حتى يتمكن من الحكم على ما يقترح عليه من أنظمة وقوانين. واكتفى الشيخ علي بلعربي الخليفة العام للطريقة التيجانية من جانبه بالإشارة في تصريحه إلى ان مشاركته في المشاورات تمثل الطريقة التيجانية على الصعيدين الوطني والدولي، معربا عن أمله في ان تفيد الآراء التي تقدم بها مسعى الإصلاحات وأن تنفع الأمة ''وتسهم في تأليف القلوب وستر العيوب والحفاظ على الوطن''.