أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، بدمشق أن المبادرة العربية التي تم اعتمادها سنة 2002 ببيروت تشكل الخيار الاستراتيجي والآلية المناسبة لإجراء المفاوضات الكفيلة بتحقيق السلام العادل والدائم والشامل في الشرق الأوسط· وشدد رئيس الجمهورية، في كلمة بمناسبة الدورة العادية العشرين للقمة العربية على أهمية "إصلاح ذات البين وتغليب ما يجمعنا على سائر الاعتبارات الأخرى"، معتبرا أن ذلك من شأنه أن يعزز العلاقات الأخوية ويجعل من تضامن وتآزر البلدان العربية وشعوبها أمرا ملموسا لمس اليد، ويمكنها من مواصلة مسيرة الإصلاح والتطوير التي خاضتها في السنوات الماضية· وبعد أن جدد تنديد الجزائر "بالجرائم الإسرائيلية النكراء في حق الشعب الفلسطيني الأعزل واستنكارها الشديد لها ولحرب الإبادة التي يمارسها الجيش الإسرائيلي ضد إخواننا في قطاع غزة"، أشار الرئيس بوتفليقة إلى أنه "لا مناص من مراجعة الذات أمام هول وخطورة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، مناشدا الفلسطينيين أن يجنحوا إلى جادة الصواب ويعودوا إلى الحوار من حيث هو المنهج الوحيد الذي يوصلهم إلى الحلول التوافقية حول ما يختلفون فيه"· وفي سياق متصل أكد الرئيس بوتفليقة أن العقاب الجماعي المحرم في أعراف القانون الدولي "يفرض على المجتمع الدولي التحرك العاجل لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع وكسر الحصار الجائر المفروض عليه ضمن مخطط مبيت للتجويع والإبادة"، مشيرا إلى أن استمرار إسرائيل في تحديها المجتمع الدولي وإصرارها على عدم التجاوب مع مبادرة السلام العربية يشكل موقفا ذا أبعاد خطيرة يتعين استخلاص العبر منه وتكييف الإستراتيجية العربية للسلام وفق ما يقتضيه الأمر· وبخصوص الأزمة اللبنانية أشاد رئيس الجمهورية، بدور الأمين العام لجامعة الدول العربية وبجهوده المتواصلة من أجل تجسيد خطة الجامعة العربية بين الفرقاء اللبنانيين من خلال تفعيل الحوار بينهم والحصول على التجاوب المطلوب بشأن الاستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية وسن قانون انتخابي جديد· وعبّر في هذا الشأن عن قناعته الراسخة بأن اللبنانيين أهل لاستخلاص الدروس من تاريخهم الطويل والتغلب على المحنة الراهنة، فيما جدد لدى تطرقه إلى الوضع في العراق، مؤازرة الجزائر للشعب العراقي وتزكيتها لكل الجهود المخلصة الهادفة إلى تمكين مؤسساته الدستورية من مباشرة نشاطها الطبيعي لوضع حد نهائي لمعاناته بإزالة الاحتلال وصون وحدته الترابية والحفاظ على سيادته الوطنية· وفي هذا المقام أعرب رئيس الجمهورية، عن دعم الجزائر لجهود جامعة الدول العربية لاستئناف مؤتمر الوفاق الوطني في أقرب الآجال وبمشاركة كافة الفعاليات والأطراف السياسية والمرجعيات والقيادات الدينية دون إقصاء، "بما يمكن العراق من لم شمل أبنائه واستئناف دوره العربي"· كما عرّج في كلمته على ظاهرة الإرهاب التي اعتبرها من أخطر التحديات التي تواجهها المجموعة الدولية من حيث أنها تتعلق بالسلم والأمن والاستقرار في العالم، مشيرا إلى "أننا في الجزائر ما فتئنا ندعو إلى تعبئة متضامنة للمجموعة الدولية لمحاربة هذه الآفة التي لا تعرف الحدود وتدوس أقدس القيم الإسلامية"· على صعيد آخر دعا رئيس الجمهورية إلى تبني موقف دولي مشترك لصون القيم والمقدسات والحفاظ على مقام الرسل والأنبياء وتكثيف حوار الحضارات والثقافات، بما يسهم في إفاضة التفاهم وإشاعة الانسجام بين كافة شعوب العالم· في حين أكد فيما يتعلق بنزع أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط على ضرورة أن تكون هذه العملية شاملة وكاملة، وتحت مراقبة دولية فعّالة، مشددا على أهمية جعل هذه المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل دون تمييز، على أن لا تغفل "أحقية كل دولة في ممارسة حقها الشرعي والطبيعي في امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية"· وعلى هامش أشغال القمة سلم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، للرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس صكا بالتزامات الجزائر اتجاه صندوق دعم السلطة الفلسطينية· كما سلم السيد بوتفليقة للرئيس عباس نفس اللقاء الذي تم بحضور الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى صك وفاء بالتزامات مؤتمر المانحين بباريس للسلطة الفلسطينية· وكان رئيس الجمهورية قد استقبل قبيل انطلاق أشغال القمة العربية العشرين رئيس السلطة الفلسطينية الذي أشاد في تصريح للصحافة بدور الجزائر في دعم ونصرة القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الجزائر "لها فضائل كثيرة على قضيتنا وستبقى دوما في قلوب كل الفلسطينيين"· وشارك الرئيس بوتفليقة في لقاء جمع قادة الدول المغاربية ضم العقيد معمر القذافى قائد الثورة الليبية والرئيس التونسي السيد زين العابدين بن علي، والرئيس الموريتاني السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، ووزير الخارجية المغربي السيد الطيب الفهري، وخصص الاجتماع لتنسيق المواقف المغاربية في القمة العربية، علاوة على مناقشة بعض القضايا المطروحة على مستوى المنطقة المغاربية على غرار سبل محاربة الإرهاب· كما تحادث على هامش القمة مع نظيره السوري بشار الأسد، في لقاء حضره وزير الخارجية السيد مراد مدلسي وسفير الجزائر بمصر ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية السيد عبد القادر حجار·