شهدت جزيرة جربة التونسية خلال اليومين الأخيرين حركة دبلوماسية مكثفة بعقد محادثات جمعت مسؤولين عن النظام الليبي وممثلين عن المعارضة المسلحة حضرتها عدة أطراف أجنبية في محاولة للتوصل إلى تسوية سلمية للمعضلة الليبية التي دخلت شهرها السابع. وكشفت مصادر أمنية تونسية أن المحادثات جرت ليلة الأحد إلى الإثنين في احد فنادق مدينة جربة وسط حراسة أمنية مشددة. وأضافت هذه المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها أن ''موكبا من السيارات اجتاز أول أمس الحدود الليبية التونسية عبر معبر رأس جدير وسط حراسة أمنية'' مما يعطي الانطباع أن من بين المفاوضين عن النظام الليبي وزراء ومسؤولون أمنيون. وكانت مصادر إعلامية أكدت أن وزيري الصحة والشؤون الاجتماعية الليبيين احمد حجازي وإبراهيم شريف وصلا منذ الأحد إلى جزيرة جربة ليلتحقا برئيس الدبلوماسية عبد العاطي العبيدي الذي يكون قد قاد الوفد الرسمي الليبي. وأضافت أن المفاوضات جارية مع عدة أطراف أجنبية. وكشفت نفس المصادر أن من بين المشاركين الأجانب موفد عن الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز لم يتم الكشف عن اسمه. كما انضم الدبلوماسي الأردني عبد الإله الخطيب المبعوث الخاص للأمين العام الأممي إلى هذه المحادثات وقال إنه جاء إلى تونس للمشاركة في المفاوضات الجارية بين مسؤولين عن نظام القذافي وممثلين عن المعارضة المسلحة. وتؤكد مثل هذه الجهود المكثفة سعي المجموعة الدولية إلى إيجاد تسوية سلمية للأزمة الليبية بعدما أثبت الحل العسكري فشله في احتواء الوضع في هذا البلد. وبالتزامن مع ذلك شوهدت ثلاث طائرات جنوب افريقية متوقفة بمطار جربة بالقرب من مروحتين عسكريتين قطريتين. وهو ما يطرح التساؤل حول سبب وجود هذه الطائرات، وان كان وسطاء جنوب إفريقيون وقطريون قد حضروا المحادثات بين طرفي الأزمة الليبية.وحتى وإذا كان تواجد الطائرات الجنوب افريقية في مطار هذه الجزيرة السياحية له ما يبرره كون بريتوريا عضو في الوساطة الإفريقية لتسوية الازمة الليبية فإن التساؤل يبقى مطروحا عن التواجد القطري خاصة وان الدوحة لا يمكن لها أن تلعب دور الوسيط في أزمة انحازت صراحة إلى جانب المعارضة فيها. وفي الوقت الذي لم تتسرب فيه أية معلومات عن مضمون هذه المحادثات نشبت اشتباكات بمنطقة بن غردان بالقرب من المعبر الحدودي لرأس جدير بين مناصرين للعقيد القذافي وتونسيين ومواليين للمتمردين الليبيين كانوا يحتفلون بما اعتبروه ''نهاية القذافي''. وهو ما استدعى انتشارا مكثفا لقوات الأمن التونسية التي تمكنت من فض الاشتباكات. يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه مصادر أن وزير الداخلية الليبي ناصر مبروك عبد الله وصل، أمس، إلى العاصمة المصرية القاهرة رفقة تسعة من أفراد عائلته على متن طائرة خاصة. وجاء وزير الداخلية الليبي إلى القاهرة قادما من مطار جربة التونسي من دون أن تتضح الأسباب الحقيقية لإقامته في مصر وما اذا كان الأمر يتعلق بانشقاقه عن العقيد القذافي والتحاقه بقائمة المسؤولين الليبيين الذين تخلوا عن العقيد الليبي. وفي حال صح ذلك فإن حكومة طرابلس ستكون قد تلقت ضربة قوية وهي التي تعاني من عزلة دولية وعقوبات اقتصادية أنهكت كاهلها. ومن جهة أخرى تضاربت المعلومات حول حقيقة سيطرة المتمردين على مدينة الزاوية القريبة من العاصمة طرابلس ففي الوقت الذي نفى النظام الليبي أن يكون المقاتلون المعارضون تمكنوا من فرض سيطرتهم على هذه المدينة الإستراتيجية أعلن هؤلاء أن غالبية أرجاء المدينة هي الآن تحت سيطرتهم.