ثمّنت جمعيات وطنية الإجراءات التي جاء بها مشروع القانون المتعلق بالجمعيات الذي وافق عليه مجلس الوزراء في آخر اجتماعه، مؤكدة ان من شأنه تكريس مبدأ الشراكة والتعاون ما بين السلطات العمومية ومختلف الجمعيات. غير أنها تأسفت كون هذه الإجراءات لم تمنع الجمعيات من التحزب، الأمر الذي يجعلها في عدة مرات تنحرف عن عملها وتنشغل بممارسة السياسة. ورحبت هذه الجمعيات بهذه الإجراءات التي تجعلها تتكفل بكل حرية بانشغالات مختلف فئات المجتمع في إطار الشفافية والممارسة الحسنة ولاسيما من خلال استفادتها من إعانات عمومية من باب الإسهام في تنفيذ برامج عملها. غير أن هذه الجمعيات تأسفت في ذات الوقت لعدم احتواء مشروع القانون مادة حول منع تحزب الجمعيات الذي رحسبها - يشكل ''خطرا'' على نشاطها. وفي هذا الصدد قالت السيدة سعيدة بن حبيلس رئيسة الحركة النسائية للتضامن مع الأسرة الريفية ''نحن نرحب بالمشروع ونؤكد على ضرورة أن تكون الجمعيات حرة غير خاضعة لأي حزب من الأحزاب السياسية. وأضافت أن تحزب الجمعيات يشكل ''خطرا كبيرا'' على نشاطها ويجعل مواقفها مقيدة بمواقف الحزب الذي يسيرها. وقالت إن الجمعيات هي ضمير المجتمع والصدى لانشغالات فئات المجتمع من معوقين، أطفال، نساء، شيوخ، شباب وغيره. وأشارت إلى أن بعض الجمعيات تمول من طرف سفارات وهيئات أجنبية رغم أن القانون القديم ومشروع القانون الجديد يمنع ذلك منعا باتا، موضحة أن المشكلة تكمن في تطبيق هذه المواد على أرض الواقع. وثمنت رئيسة الجمعية الجزائرية لمحو الأمية ''اقرأ'' السيدة عائشة باركي بدورها ما جاء في مشروع القانون، مؤكدة أن معظم اقتراحات الجمعيات خلال المشاورات السياسية الأخيرة تمت الاستجابة لها. وأبرزت، في هذا الصدد، أن هذا المشروع نص على النشاطات المعنية بالمنفعة العامة والتي تعطي الحق في دعم الدولة أو مساعدات مادية لفائدة الجمعيات، غير أنها تأسفت في ذات الوقت لعدم ورود نص في هذا المشروع يتعلق بمنع تحزب الجمعيات، وأكدت على ضرورة فصل السياسة عن النشاط الجمعوي حتى تقوم الجمعيات بدورها الحقيقي بكل ''حرية''. ومن جانبه، بارك رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ''ندا'' السيد عبد الرحمن عرعار ما جاء في مشروع القانون، مؤكدا أنه جعل من الجمعيات شريكا متكاملا للمؤسسات العمومية. وأضاف قائلا إن هذا المشروع جاء لتدعيم قدرات الجمعيات بإعطائها مساحة أكبر للتكفل بقضايا مختلف فئات المجتمع من خلال التعاون والشراكة مع المؤسسات الرسمية. أما رئيسة المركز الإعلامي والتوثيقي حول حقوق المرأة والطفل السيدة نادية آيت زاي فقد أكدت أنه من الأهمية بماكان إعادة الاعتبار للدور الذي تلعبه الجمعيات في المجتمع ولاسيما تخفيف العبء على السلطات العمومية. كما شددت على ضرورة فصل نشاط الجمعيات عن النشاط الحزبي، مضيفة أن ذلك لا يمنع الجمعيات من إعطاء رأيها في مسائل سياسية. وأضافت أن بعض المواد التي جاء بها مشروع هذا القانون ولا سيما المواد 22 و 28 مكرر و19 مكرر والمتعلقة على التوالي بالشراكة والموارد والمعلومات تتسم ب''عدم الوضوح'' و''عدم الدقة''. وقد جاء مشروع القانون الذي يعكس وجهات النظر والاقتراحات المعبر عنها بمناسبة المشاورات مع الشخصيات والأحزاب والجمعيات لتعزيز حرية إنشاء جمعيات ولضبط بشكل أدق النشاط الجمعوي، حسب بيان مجلس الوزراء. كما أنه سيسد ثغرات قانونية وذلك على الخصوص فيما يتعلق بالمؤسسات والوداديات والجمعيات الأجنبية القائمة بالجزائر. ويهدف النص إلى تعزيز حرية النشاط الجمعوي بإلزام الإدارة بالرد في أجل مدته ثلاثة شهور على طلب الاعتماد الذي تقدمه جمعية ما واعتبار عدم الرد اعتمادا تلقائيا كما أن أي رفض للاعتماد قابل للطعن لدى الجهة القضائية الإدارية. من جانبها؛ تلزم الجمعيات بالامتثال لجملة من الالتزامات المتعارف عليها منها على الخصوص استقامة مسيريها والشفافية في تسييرها المالي. وبحكم ما يولى من أهمية لمشاركة المجتمع المدني في الحياة الوطنية، فإن مشروع القانون يقترح تمكين الجمعيات من اكتساب صفة المنفعة العامة عندما يكون مجال نشاطها أولويا بالنسبة للمجموعة. ويقترح النص كذلك استفادة الجمعيات من الإعانات العمومية من باب الإسهام في تنفيذ برنامج عملها وذلك بناء على دفتر أعباء على أن تخضع هذه الإعانات لقواعد مراقبة أموال الدولة.