فقدت الساحة الفنية، أمس الثلاثاء، برحيل الفكاهي عمار أوحدة، أحد الوجوه الفنية التي كانت لها ميزة خاصة في الساحة الفنية العاصمية لأكثر من 40 سنة، وقد شيع جثمانه أمس بمقبرة المدنية. فقد كان للفقيد، الذي ولد مع مطلع العشرينيات من القرن الماضي بحي بلكور العتيق، نشاط متنوع، جمع بين الأغنية والتمثيل والعروض الفكاهية، بدأت ميوله الفنية تبرز في سن العاشرة متأثرا بالأجواء الخاصة لحيه الذي كان على غرار القصبة وباقي الأحياء الشعبية في العاصمة يعج بالنشاط الفني والنضالي. كانت انطلاقته مع الشيخ مزيان وهو مغني أعراس ينحدر من منطقة القبائل التي تنتمي إليها عائلة عمار أوحدة، وكان الطفل عمار يرافقه في الأعراس كعازف، لكن حبه للفن واحتكاكه بالوسط الفني، خاصة مطربي الأغنية الشعبية شجعه على خوض تجربة الغناء سنة 1944 وهو تاريخ هام في مسار الحياة السياسية والنضالية في الجزائر فجاءت أولى أغانيه وطنية حماسية، لاسيما وأنه كان من مناضلي حزب الشعب. ورغم اندماجه في الحياة السياسية والنضالية إلا أن ذلك لم يثنه عن الاهتمام بانشغالات وطموحات الناس في تلك الظروف الصعبة التي كانت تعيشها البلاد تحت نير الاستعمار، فقد اهتم الفنان بمواضيع اجتماعية كان لها صدى لدى المستمع، حيث كتب عن ''الحرة'' وطمس الهوية الجزائرية والتميز. وواصل مشواره الفني بعد الاستقلال بأغاني خفيفة تتحدث عن مشاكل الناس وهمومهم اليومية إلا أنه قدمها في قالب فكاهي، أصبح فيما بعد طابعه المميز وذلك لجلب الجمهورالعاصمي الذي كان مولعا بالطرب ''الشعبي'' وشيوخه. كان للفقيد طيلة مسيرته الفنية التي توقفت في 1979 لأسباب صحية، إسهامات متواضعة في المسرح، حيث كان من مؤسسي فرقة المسرح الشعبي في 1967 إلى جانب المرحوم حسن الحساني (بوبرة) ووردة آمال وقدمت الفرقة خلال مدة قصيرة أعمالا لبوبرة. عرضت في عدة مدن لكن الفرقة لم تستمر بعدها داعب عمار أوحدة الفن السابع وظهر في فيلمي ''وقائع سنين الجمر'' للأخضر حمينا و''سنعود'' لبن ددوش. لقد ترك الفقيد بعد مسيرة امتدت للأكثر من 40 سنة رصيدا معتبرا من الأغاني الخفيفة والسكتشات والعروض الفكاهية وإسهامات في أفلام سينمائية وأعمال مسرحية وإلى جانب نشاطه الفني، كانت للفقيد مواقف نضالية، حيث سجن من قبل السلطات الاستعمارية رفقة الحاج الميسوم في أكتوبر 1960 قبيل مظاهرات 11ديسمبر وبقي معتقلا إلى غاية الاستقلال وكان ذلك بسبب مواقفه ونضاله السياسي واستغلاله الفن لإيصال رسالة الثورة التحريرية.