لا حديث اليوم لدى وزير الصحة سوى عن تطهير قطاع توزيع واستيراد الأدوية من المتطفلين و''البز ناسية'' الذين اتخذوا من المهنة هدفا لتحقيق كل الأغراض إلا توفير الدواء للمريض، ويبدو أن الوزير قرر شنّ حرب ضد هؤلاء بعد أن تسببوا في الفوضى العارمة التي تعرفها سوق الأدوية وبالتالي الندرة الحادة في عدد كبير منها، خاصة تلك الموجهة للمصابين بالأمراض المزمنة. إصرار ولد عباس على تطهير القطاع ممن أسماهم بالدخلاء عليها والبارونات وإنهاء الموضوع في أسرع وقت، جعله لا ينتظر انقضاء المهلة التي منحها للموزعين والمستوردين لتأهيل نشاطهم واحترام القوانين والتي من المفروض أن تنقضي بالنسبة للموزعين مع نهاية السنة الجارية، ما يعني أن مشكل التوزيع عميق وكبير لدرجة أنه لا يمكن الانتظار أكثر. وبالفعل؛ بدأت عملية التطهير بقرار إلغاء الاعتماد ل200 مستورد والبقية ستأتي مع الموزعين، خاصة وأن من أصل 656 موزع لا ينشط سوى 283 مستوردا، علما أن 40 بالمائة منهم لا يحترمون القانون، حسب وزير الصحة. والحقيقة أن وراء مشكل ندرة الأدوية أسبابا عدة إلا أنها تصب جميعها في غرض واحد وهو زعزعة سوق الأدوية وعرقلة مساعي الدولة الرامية إلى ترقية المنتوج المحلي ومعها سياسة الترويج للأدوية الجنيسة، السياسة التي لا تخدم بارونات هذه المنتوجات الحيوية ومن ورائها مخابر أجنبية لا تخدمها السياسة التي اعتمدتها الدولة كونها تقطع الطريق أمامها بعد أن جعلت من السوق الجزائرية سوق استهلاك واستيراد لما يصنع في الخارج. ولم يكن المسؤول الأول عن قطاع الصحة مخطئا عندما كرر مرارا أن ندرة الأدوية ''مفبركة'' من طرف بعض الموزعين بالتواطؤ مع موزعين ومستوردين وغيرهم ممن لا تخدمهم السياسة الإصلاحية المعتمدة من طرف الدولة في مجال الدواء، وهو الأمر الذي يستدعي استعمال سلاح الردع وكما يقول المثل الشعبي عندنا ''أضربو يعرف مضربو''.