عالجت العدالة عدة قضايا بين أزواج جزائريين، انتهت بهم الخلافات الحادة إلى الانفصال الذي كثيرا ما يؤجج حقدا يدفع بأحد الطرفين إلى تصفية الحسابات، من خلال خطف الأبناء وحرمان الآخر من مجرد رؤيتهم لإفشاء غليل الانتقام. كثيرا ما تنتهي العلاقات الزوجية بالإنفصال في المحاكم، لتبدأ جولات قضائية أخرى بين بعض الأزواج المنفصلين ومعارك قد تصل إلى حد تلفيق التهم وتشويه سمعة الطرف الآخر. وبحسب أهل الاختصاص، فإن قضايا اختطاف الأطفال بين المطلقين أخذت في الانتشار بدرجة ملفتة نتيجة لقلة الوعي، إذ تحدث هذه المأساة بين الأزواج المنفصلين الذين تعلق بينهما ترسبات الماضي.. ولهذا فإنه غالبا ما يكون اختطاف الطفل من أحد الطرفين إسقاطا لحقد دفين يدفع ثمنه الأبرياء. وتشير المعطيات في المحاكم إلى أن الرجل أكثر إقبالا على خطف الأبناء من المرأة، فهذه الأخيرة تدرك مسبقا أنه يصعب عليها تربية الأبناء بمفردها. ومن الأسباب التي تدفع بالمرأة إلى خطف الأبناء، الخوف على مستقبل الطفل جراء انحراف والده، أو عندما تكون محل مطاردة من طليقها.. وكذلك في الحالات التي تنوي فيها الزواج ثانية، والذي يسقط بموجبه حقها في الحضانة. وتروي إحدى الوقائع أن إحدى السيدات تمكنت من الهرب بطفلها من زوجها المنحرف الذي طلقها طلاقا تعسفيا وواصل اضطهادها بعد الطلاق، مهددا إياها بالقتل في حالة رفع دعوى عدم تسديد النفقة.. وبمجرد أن طفت إلى حياتها فرصة للزواج ثانية في الخارج، حيث يتواجد أهلها، سافرت لتعقد قرانها وأخذت معها الطفل. أما بالنسبة للرجل، فكثيرا ما يكون دافعه الشعور بالنقص في الحالات التي تطلب فيها الزوجة الخلع، والذي يعتبره بعض الرجال بمثابة إهانة. ومنه يكون اختطاف الأبناء وسيلة لانتقام غير مباشر يمر عبر عدة مراحل لكسب ثقة الطليقة قبل تنفيذ عملية حرمانها من فلذات أكبادها. وكانت أبرز تلك الحوادث، حين خلعت امرأة زوجها الذي استولى على أموالها.. وبعد الانفصال، كان المتهم يستفيد من حق الزيارة دون عقبات، إلى أن جاء يوم تنفيذ الخطة، حيث طلب من طليقته اصطحاب الطفل إلى البيت العائلي بمناسبة العيد، ليتمكن من تنفيذ خطته بتهريبه إلى الخارج. واتصل بها الزوج في وقت لاحق ليقول لها ''لقد اختطفته لأحرق فؤادك''، تبعا لتفاصيل قضية نظرت فيها محكمة عبان رمضان. وتعلق المحامية ''صابرينة.ر'': ''للأسف، يقدم بعض الآباء على مثل هذه الجرائم دون أي مراعاة للأزمات النفسية التي قد تؤثر على شخصية الطفل''. وتضيف أن الأب الذي يقدم على مثل هذه الأفعال متهور وغير واع، ولا يتبع نموذجا سليما للتربية، ما يهدد الطفل المختطف بالانحلال الخلقي. وفي نفس الإطار، تظهر القضايا التي وصلت أروقة العدالة أن بعض الرجال ممن لا تسمح لهم إمكانياتهم أو ظروفهم بالذهاب إلى الخارج، يعمدون إلى تلفيق تهم لطليقاتهم قصد تشويه سمعتهن كآخر الحلول لإسقاط حقهن في حضانة الطفل، مع الاستعانة بشهود زور أو الأطفال في حد ذاتهم، من خلال غرس أفكار تسيء لأمهاتهم. إلى جانب الواقعة المذكورة، تكشف قضية أخرى ما زالت قيد الدراسة أن رجلا رغب في تطليق زوجته لأسباب مرضية، بعد سعيه لإثارة المشاكل ودفعها لطلب الخلع.. وفي النهاية، طلبت الزوجة التطليق وتحصلت عليه. واقترن الزوج بامرأة أخرى، إلا أن الحقد لم ينسه زوجته الأولى، فعمد إلى نشر صور مفبركة خليعة تخصها ليتمكن من انتزاع الطفل من حضنها بحجة أنها خائنة. وما يزال التحقيق في القضية جاريا، حيث تحاول الخبرة حاليا إثبات براءتها. وبينما تشير مصادر قضائية إلى وجود عشرات القضايا المقامة من أمهات بالدرجة الأولى وآباء بالدرجة الثانية، نظرا لاختطاف الأطفال، يبقى هذا النوع من القضايا مؤشر خطر بحاجة إلى سنّ قوانين تحمي الطفولة من موجة تصفية الحسابات التي يمارسها بعض الآباء دون اكتراث بالانعكاسات السلبية التي تنطوي عليها مثل هذه الممارسات التي تحمل في طياتها الافتراء، الخداع والانتقام الأعمى على حساب مستقبل الأطفال.