أكد الأستاذ سليمان حاشي، مدير المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ، أن فكر فانون عصري محض وهو ما سيتجلى واضحا في المداخلات التي سيقدمها الباحثون والمتخصصون في اليومين الدراسيين حول فانون (غدا وبعد غد بمكتبة الحامة) وهذا بمناسبة مرور خمسين سنة على رحيل المفكر والكاتب والطبيب والمناضل فرانتز فانون. وأضاف حاشي في الندوة الصحفية التي نشطها، أمس، بقاعة فرانتز فانون برياض الفتح، أن فكر فانون حيّ ينبض وما يزال يصلح في الوقت الراهن، مؤكدا أن فانون قام بإضفاء أساليب جديدة في علاجه للأمراض العقلية من خلال تشجيعه للمرضى على ممارسة الفن، أكثر من ذلك، فقد اكتشف مواهب فنية في الغناء والموسيقى والمسرح في مستشفى البليدة حيث كان يشتغل هناك كطبيب للأمراض العقلية سواء وسط المرضى أو حتى الممرضين وما الفنان عبد الرحمن عزيز الذي كان يشتغل ممرضا بمستشفى البليدة ثم تحول إلى مطرب، إلا دليلا على ذلك. وأشار حاشي إلى أن فانون كانت له شهرة كبيرة في الوسط الطبي بالبليدة وفي جميع أنحاء الجزائر، مضيفا بأن هذا العالم استطاع أن يغيّر من العلاقة بين الطبيب والمريض، كما كان يرى أن سبب الإصابة بالمرض العقلي مرده المعاناة من الاستعمار، بالمقابل كان فانون مناهضا للاحتلال الكولونيالي إلى درجة انخراطه في صف الثوار الجزائريين، وكان يهتم بمتابعة التطورات التي تحدث في الجزائر والدول الإفريقية وكذا التنبؤ بالتغيرات التي ستعرفها هذه الدول بعد الاستقلال. وكشف حاشي عن الاحتفالات المبرمجة في أكثر من دولة بمناسبة مرور خمسين سنة عن رحيل فانون وهو في عمر الزهور (36سنة) وهذا في المارتينيك مسقط رأسه وفرنسا وبالأخص في الجزائر التي أكد أنها لم تنس فانون ولن تنساه. وبخصوص الملتقى، أشار السيد حاشي إلى أنه يدوم يومين ويتضمن علاوة على المداخلات التي سيقدمها أساتذة من الجزائر وفرنسا وإيطاليا وتونس والولايات المتحدةالامريكية، نشاطات مختلفة، كما تمت برمجة زيارة إلى قبر فانون الموجود بالقالة وهذا يوم الخميس المقبل، حيث طلب فانون الذي توفي في مستشفى بواشنطن أن يدفن في أرض الجزائر وكان له ما أراد، علما أنه توفي سنة 1961 أي قبل سنة من استقلال الجزائر. من جهته، تحدث الأستاذ مصطفى حداب، رئيس اللجنة العلمية للملتقى عن المداخلات التي سيقدمها أساتذة عرفوا أو تأثروا بفانون وفكره وهذا في الجوانب الحياتية والنضالية والطبية والفكرية، وفي هذا السياق، ستكون الحصة الاولى للملتقى مخصصة لتقديم شهادات أشخاص احتكوا بفانون مثل لمين بشيشي وبيار شولي وأوليفيي فانون، تعقبها حصتان حول الأطر النظرية والطبية لهذه الشخصية المؤثرة فكانت أعماله النيّرة تتسم بالمغزى الفلسفي، والتي تناول بعضها فكرة أن اضطهاد الاستعمار للفرد قد يؤدي بهذا الأخير إلى الإصابة باضطرابات ولا يمكن له أن يتجاوزها إلا بمواجهتها. بالاضافة إلى تناول تأثير الفكر الفانوني على العالم، إذ أن العديد من التيارات السياسية والحركات الاجتماعية ومنظمات مختلفة تهتم بفكر فانون وتدافع عنه، مطالبا في السياق بأهمية أن يدرّس فكر فانون وأن يستفاد من تجربته وحكمته في مسيرته الحياتية والفكرية والنضالية والطبية. أما بن مهيدي مساعد مدير وكالة الاشعاع الثقافي إحدى المؤسسات المنظمة لهذه التظاهرة فقد تطرق إلى النشاطات التي برمجت بالموازاة مع المحاضرات، وهي عرض كتب بمكتبة الحامة حول فانون علاوة على وثائق عنه يمتلكها الأرشيف الوطني، بالإضافة إلى عرض سمعي بصري حول فانون، وبرمجة حفل فني ينشطه كل من جو باتوري وفرقة الفردة بقاعة ابن زيدون وكذا عرض شريط الملتقى الذي نظّم حول فانون سنة 2009 في إطار المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني وهذا بالسينماتيك، بالإضافة إلى عرض فيلم عن فانون من إخراج الشيخ جمعي مباشرة بعد انتهاء فعاليات اليومين الدراسيين بالحامة وكذا تنظيم قراءات لأعمال فانون من قراءة انعام بيوض باللغة العربية وسلوى بولبينة باللغة الفرنسية.