أطلق البنك الدولي مبادرة جديدة في مجال الصناعات الاستخراجية ترمي إلى تطوير قدرات الدول النامية للتعامل مع الارتفاع الحالي لأسعار المواد الأساسية· وأشار البنك الدولي في بيان وزعه امس مكتبه الإقليمي بالقاهرة إلى أن المبادرة ترمي إلى "توجيه تدفقات الإيرادات المتنامية لصالح جهود مكافحة الفقر والجوع وسوء التغذية والأمية والأمراض "بهذه الدول· وتهدف إلى مساعدة الدول النامية على إدارة ثروتها من الموارد الطبيعية وتحويلها إلى نمو اقتصادي طويل الأمد يسمح بتوزيع المنافع بين شعوبها توزيعا عادلا· وأكد البنك على ضرورة ترجمة الإيرادات غير المتوقعة نتيجة لارتفاع أسعار السلع إلى تحسينات ملموسة في حياة الفقراء الذين يعيشون على هامش الاقتصاد العالمي، مضيفا أن المبادرة ستساعد الدول النامية المتعاملة مع البنك على "بناء قدراتها للاستفادة من المنافع المتأتية من مواردها الطبيعية" · وترتكز مبادرة البنك الدولي في مجال الصناعات الاستخراجية على نشر كامل للمعلومات المتعلقة بمدفوعات الشركات وإيرادات الحكومات المتأتية من أنشطة النفط والغاز والتعدين والتحقق من صحتها وانتهاج الشفافية في مجال التقارير المتعلقة بالإيرادات· وتمنح المبادرة الجديدة للبنك الدولي للحكومات مجموعة من الخيارات من بينها المساعدة الفنية وبناء القدرات بغرض تحسين إدارة الثروات المتعلقة بالموارد الطبيعية لصالح الفقراء· وسينصب تركيز مبادرة البنك الدولي كما جاء في البيان في بداية الأمر على دول إفريقيا، جنوب الصحراء لتشمل لاحقا جميع الدول النامية· وستمول أنشطة المبادرة عن طريق صندوق ائتماني متعدد المانحين يمكنه الاستجابة بسرعة لاحتياجات الدول المعنية· ويأتي الإعلان عن هذه المبادرة في وقت أكد فيه المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) جاك ضيوف أن الأزمة الغذائية الحالية تعد "الأخطر منذ خمسة عشر سنة" وتمس "العالم بأسره إلا أن البلدان السائرة في طريق النمو هي الأكثر تضررا" · وأوضح حوار نشرته صحيفة لو جورنال دي ديمونش الفرنسية "أنها أزمة خطيرة جدا وبدون شك الأخطر منذ خمسة عشر سنة وحسب مؤشر منظمة الأغذية والزراعة فإن أسعار المواد الغذائية قد ارتفعت بنسبة 58 بالمائة في ظرف سنة واحدة وبنسبة 131 بالمائة بالنسبة للحبوب" · وأرجع المتحدث هذه الأزمة إلى التقاء عوامل سلبية أدت إلى ارتفاع الأسعار مشيرا خاصة إلى اثر التغيرات المناخية التي أدت إلى الحصول على محاصيل ضعيفة خلال العام الماضي في عديد البلدان علاوة على نضوب المخزونات وتزايد الطلب بسبب تزايد عدد السكان في العالم وأخيرا الطلب الجديد على الطاقة العضوية، مضيفا أن "الإنتاج الفلاحي كان حتى الآن كافيا لضمان الغذاء البشري والحيواني إلا أن كميات كبيرة أضحت الآن توجه إلى إنتاج الطاقة العضوية"، وتابع قوله إن "هذا الوضع مرشح للاستمرار" لأنه لا توجد "أسباب موضوعية تدفع لانخفاض الأسعار··· حقيقة سيشهد الإنتاج العالمي من المواد الفلاحية هذه السنة ارتفاعا بنسبة 6،4 بالمائة إلا أن ذلك لن يكون كافيا لمواجهة تزايد الطلب" · ولم يخف ضيوف اقتناه بأن "المشكل لم يعد اقتصاديا وإنما سياسيا واجتماعيا ويمكن لهذه الأزمة أن تهدد السلم والأمن العالميين" معربا عن أمله في أن تسمح قمة روما المقبلة المزمع عقدها في جوان المقبل "للزعماء الدوليين باتخاذ الإجراءات الضرورية لتخفيض الأسعار" · وللخروج من هذه الأزمة أوصى باتخاذ إجراءات على المدى القصير منها مواصلة تقديم المساعدات الغذائية لسكان البلدان التي تشهد نزاعات ومواجهة مشاكل العرض والسماح للمزارعين بالحصول على البذور والأسمدة التي شهدت أسعارها هي الأخرى ارتفاعا محذرا بقوله "وإلا علينا مواجهة وضع أكثر خطورة مما هو عليه اليوم" ·