مصيطفى يدعو لتوظيف علم الاقتصاد في مواجهة إفرازات ''الربيع العربي'' أكد الخبير والمحلل الاقتصادي والمالي الدكتور بشير مصيطفى، أمس، ضرورة الاستعانة بعلم الاقتصاد لمواجهة التحديات الراهنة لاسيما على مستوى البلدان التي تعيش حراكا سياسيا وأمنيا، بعد دخولها مرحلة تحول جذرية على إثر ما عرف بثورات الربيع العربي. وأوضح الدكتور مصيطفى في ندوة فكرية نشطها بمركز ''الشعب'' للدراسات الاستراتيجية تناولت موضوع الربيع العربي من الناحية الاقتصادية وما موقع الجزائر منه، أن الدول العربية المعنية بالثروات الباطنية ومن بينها الجزائر تواجه تحديات اقتصادية كبيرة كتآكل الموارد المادية وركود بعض القطاعات الاقتصادية لاسيما قطاعي الخدمات المالية والسياحة. وهو ما يدفع هذه الدول إلى التركيز أكثر على الحلول الاقتصادية في مواجهة هذه التحديات. وأشار إلى خطورة السياسات والطروحات التي تروج لها بعض الأطراف الخارجية أو ما يعرف ب''منظري الثورة الخلاقة''، مشددا على أهمية انتباه هذه الدول لما يخطط له هؤلاء في المنطقة العربية على وجه العموم. وقال ''إن هؤلاء المنظرين يعملون على استغلال حالات الفوضى الناجمة عما يعرف بثورات الربيع العربي للتخطيط لأطماع جديدة من خلال إعادة تشكيل المنطقة العربية''، معتبرا أن مواجهة هذه المخاطر محدد بالتقيد بعلم الاقتصاد قصد ضمان تحديد دقيق للمشاكل الاقتصادية الجديدة وبحث حلولها بشكل فعّال. ودعا الخبير الاقتصادي إلى ضرورة استغلال القيم الإنسانية لدى الشعوب العربية باعتبارها إحدى العوامل الأساسية لتطوير سوق العمل وتحفيز الإنتاج المحلي لضمان وفرة السلع ذات الاستهلاك الواسع، في انتظار مبادرة الحكومات الجديدة في الدول التي عاشت ''ربيعا عربيا'' على رسم سياسات اقتصادية أكثر متانة قصد التعجيل في الخروج من التبعية المطلقة للأسواق الخارجية. ومن جهة أخرى، أكد الدكتور مصيطفى أن وضعية الثورات في الدول العربية عملت على إفراز مؤشرات كلية للاقتصاد تختلف تماما عن المؤشرات السابقة لهذه الثورات، معتبرا أن نموذج التنمية الجديد في هذه الدول لابد أن يأخذ في الحسبان كل المتغيرات الطارئة وهذا مقارنة بالمعايير الإحصائية التي طورتها نظرية الاقتصاد القياسي والتي استعملت بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا. وركز على إبراز أهمية تطوير سوق العمل في قطاع الزراعة على قاعدة إعادة الاعتبار للعمل كقيمة إنسانية، فضلا عن قيمته الاقتصادية، إضافة الى استغلال مكونات المجتمع لاسيما ركن الزكاة في ضبط الاقتصاديات العربية على سلم إعادة توزيع الدخل عوض الاستعانة بالحلول الجاهزة من الخارج والتي أثبتت في العديد من المرات محدوديتها وبعدها عن تنمية الوطن العربي. وختم المحاضر ندوته بالتذكير بأن ''الربيع العربي'' يحتاج إلى ربيع اقتصادي في كل الأوقات، وأن مرحلة ما بعد هذا الربيع ستكون محكومة بقيود اقتصادية.