حذّر الخبير الاقتصادي «بشير مصيطفى» من خطورة الطروحات التي يروّج لها من أسماهم ب «منظري الثورة الخلاقة»، داعيا البلدان العربية إلى الانتباه لهذا الأمر، وهو لا يرى خيارا آخر أحسن من الاستعانة بعلم الاقتصاد لمواجهة التحدّيات الراهنة خاصة بالنسبة إلى الدول التي تعرف مرحلة تحوّل بسبب «الثورات». اعتبر الخبير الجزائري في الاقتصاد، الدكتور «بشير مصيطفى»، في مداخلته في أعمال المؤتمر الثاني عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية المنعقد بالقاهرة بدءا من يوم أمس بحضور وزير التمويل والتجارة المصري الدكتور «جودة عبد الخالق»، أن الدول العربية المعنية بالثورات تواجه تحدّيا اقتصاديا حقيقيا يتمثل في تآكل الموارد المادية وركود جل القطاعات الاقتصادية وخاصة قطاعي السياحة والخدمات المالية. وأضاف الدكتور «مصيطفى»، في مداخلته، بأن منظري «الفوضى الخلاّقة» سيستغلون هذه الفرصة التاريخية لتحقيق مكاسب جديدة في سياق إعادة تشكيل المنطقة العربية، لافتا إلى أنه يستوجب على الشعوب العربية «الانتباه إلى ضرورة الاستعانة بعلم الاقتصاد لتحديد المشكلة الاقتصادية الجديدة بدقة في سبيل معالجتها على أحسن وجه». وفي هذا الإطار شدّد الباحث الجزائري على ضرورة «تحريك القيم الإنسانية الكامنة في الإنسان العربي»، معتبرا ذلك عاملا أساسيا من أجل «تطوير سوق العمل في اتجاه يحفز الإنتاج المحلي في السلع الأساسية وخاصة السلع الغذائية في انتظار إقدام الحكومات الجديدة على إطلاق سياسات اقتصادية أكثر متانة للخروج من التبعية للأسواق الخارجية». ومن جهة ثانية أوضح الخبير «بشير مصيطفى» بأن «وضعية الثورة قد أفرزت مؤشرات كلية للاقتصاد تختلف كلية عن المؤشرات السابقة للثروة»، وهو ما يعني على حدّ تحليله «أن نموذج التنمية الجديد ينبغي أن يأخذ في الحسبان المتغيرات الطارئة بناء على المعايير الإحصائية التي طوّرتها نظرية الاقتصاد القياسي واستعملت بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا». كما ركز المتحدث في تدخله بالمناسبة على وظيفة الثقافة في توجيه القيم الاقتصادية، الأمر الذي دفع به إلى التركيز على إبراز أهمية تطوير سوق العمل في قطاع الزراعة على قاعدة إعادة الاعتبار للعمل كقيمة إنسانية فضلا عن قيمته الاقتصادية، إضافة إلى استغلال مكوّنات المجتمع وخاصة ركن الزكاة في ضبط الاقتصاديات العربية على سلم إعادة توزيع الدخل بدلا من الاستعانة بالحلول الجاهزة من الخارج والتي أثبتت محدوديتها في تنمية الوطن العربي. ويعالج المؤتمر الثاني عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية المنعقد بالقاهرة والذي يدوم يومين إشكالية «الاقتصاد السياسي للتحولات السياسية العربية الجارية».