خرج الرئيس السوري بشار الأسد عن صمته، أمس، ليؤكد أن الإصلاحات التي سبق وأن أعلن عنها تسير بالتوازي مع جهود حكومته لإعادة الأمن والاستقرار إلى كافة أنحاء البلاد. وجاءت تصريحات الرئيس الأسد خلال استقباله للوزير الأول الموريتاني مولاي ولد محمد لغظف الذي حل بالعاصمة دمشق ضمن المساعي الرامية لاحتواء الأزمة السورية المستفحلة منذ 11 شهرا. وجاءت زيارة لغظف التي تعد أول زيارة لمسؤول عربي إلى دمشق غداة مصادقة الجمعية العامة الأممية بالأغلبية الساحقة في وقت متأخر من ليلة الخميس إلى الجمعة على مشروع قرار عربي يدين العنف في سوريا وهو ما شكل انتصارا معنويا للدول الساعية إلى تنحي الرئيس بشار الأسد عن الحكم وانتكاسة للدبلوماسية الروسية الداعمة لدمشق. وأيدت 137 دولة المشروع من أصل 193 دولة عضو في الأممالمتحدة ومعارضة 12 بلدا من بينها روسيا والصين وإيران وكوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا فيما امتنع 17 بلدا آخر عن التصويت. وطالب القرار الذي يبقى رمزيا كونه غير ملزم، الحكومة السورية بضرورة وضع حد لأعمال العنف المستفحلة في البلاد كما يدعم جهود جامعة الدول العربية لضمان مرحلة انتقالية سلمية لنقل السلطة في سوريا. وقبل الشروع في عملية التصويت دعا بشار الجعفري مندوب سوريا الدائم لدى الأممالمتحدة إلى التصويت ضد القرار الذي اعتبره دعوة إلى نشر الفوضى في الشرق الأوسط ويشجع الجماعات المسلحة على ارتكاب مزيد من الأعمال ضد الدولة والمدنيين. ووصف القرار بأنه ''متحيز وغير موضوعي ومن شأنه أن يبعث رسالة خاطئة إلى جميع المتطرفين والإرهابيين مفادها أن أعمال العنف والتخريب المتعمد الذي يقومون به يلقى دعما وتشجيعا من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة''. وفضل مندوبا روسيا والصين في الأممالمتحدة تأجيل تدخلهما إلى ما بعد الانتهاء من عملية التصويت ربما بقناعة ان أي كلمة لهما لن يكون لها أي تأثير على نتيجة التصويت باعتبار ان التصويت داخل الجمعية العامة لا يصطدم بورقة الفيتو على غرار مجلس الأمن الدولي الذي فشل في تمرير قرار يدين أعمال العنف في سوريا بسبب الفيتو الروسي الصيني. ويبدو أن روسيا التي صوتت ضد القرار الاممي وجدت نفسها تسير عكس التيار مما جعلها تعرب أمس على استعدادها للبحث عن معادلة مقبولة لحل الأزمة في سوريا في إطار الأممالمتحدة. وقال ألكسندر لوكاتشيفيتش المتحدث باسم الخارجية الروسية ''نحن مستعدون للتعاون مع شركائنا الدوليين في إطار الأممالمتحدة لإيجاد معادلة لتسوية الأزمة في سوريا تكون مقبولة من قبل الجميع وضمن جهود تخدم مصالح الشعب السوري والسلام والأمن بالمنطقة''. وكما كان متوقعا رحبت العواصمالغربية بالقرار الذي اعتبرته انتصارا للشعب السوري ولن يزيد إلا في عزلة نظام الرئيس بشار الأسد. وفي هذا السياق، وصف وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قرار الجمعية العامة الأممية حول سوريا بأنه ''تحذير لا التباس فيه للنظام في دمشق'' وقال ''الرسالة بدون أي غموض يجب وقف العنف فورا'' واعتبر انه ''يتوجب على الرئيس بشار الأسد والنظام في دمشق الامتثال لمطالب المجموعة الدولية والسماح بإجراء مرحلة سياسية انتقالية لاحتواء الأزمة''. موقف شاطره فيه نظيره الفرنسي ألان جوبي الذي رحب بتمرير مشروع القرار والذي اعتبره انه ''يشكل دعما قويا لا لبس فيه للشعب السوري'' وأعرب عن آماله في أن تجد هذه اللائحة طريقها للتطبيق وقال بأنها ''مرحلة جديدة لوقف حمام الدم في سوريا''. وغداة تمرير هذه اللائحة الأممية عبر الجمعية العامة الأممية خرج عشرات الآلاف من المحتجين السوريين للتظاهر في عديد المدن ضمن ما اصطلح على تسميته ب''جمعة المقاومة الشعبية'' للمطالبة برحيل نظام الرئيس الأسد. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن أكثر من 10 آلاف محتج تظاهروا بمدينة داعل ومناطق أخرى بمحافظة درعا الجنوبية مهد الحركة الاحتجاجية المناوئة للنظام والتي اندلعت منتصف شهر مارس من العام الماضي. ونفس المشهد شهدته محافظة ادلب الواقعة شمال غرب البلاد حيث خرج العديد من المتظاهرين بمدينة معرة النعمان مباشرة بعد الانتهاء من صلا ة الجمعة. وقال المرصد ان قوات الأمن ردت باستخدام القوة مما أدى إلى سقوط عديد الضحايا في صفوف المتظاهرين بين قتلى وجرحى.