تسارعت الأحداث في اليومين الأخيرين على الساحة السياسية الباكستانية بوتيرة تؤكد مؤشراتها أن الانسداد سيتكرس والسلطة ستكون أمام مأزق حقيقي في كيفية التعامل مع مستجدات الوضع الذي نجم عن حالة الطوارئ المعلن عنها منذ الأسبوع الماضي· وتقاطعت عدة معطيات خلال 24 ساعة الأخيرة لتؤكد هذا المنحى وبها يؤكد ايضا عمق الأزمة السياسية في هذا البلد الذي يواجه أزمات سياسية وأمنية متلاحقة، جعلت الرئيس مشرف يرضخ لضغوط داخلية وخارجية للتراجع عن قراره المفاجئ بفرض حالة الطوارئ· ففي تطورجديد، تعهد الرئيس الباكستاني برفع حالة الطوارئ خلال الشهر القادم وهو الذي أكد ان الدافع الى اعلانها جاء بعد معلومات أمنية بوجود مخططات لعمليات ارهابية· وقال كبير محامي الحكومة الباكستانية مالك محمد قيوم أن حالة الطوارئ فرضت لاقرار القانون والنظام وأن هذه الحالة تتحسن· غيرأن قرار رفع حالة الطوارئ جاء في حقيقة الواقع نتيجة استمرار الضغوط الأجنبية وفي مقدمتها الأمريكية على الرئيس مشرف حليف الولاياتالمتحدة في حربها على الارهاب لدفعه على استكمال العملية الديمقراطية في باكستان· ضغوط كانت قد أثمرت قبل أيام باعلان الجنرال مشرف اجراء الانتخابات التشريعية منتصف فيفري المقبل بدلا من جانفي القادم الموعد السابق لها، كما تعهد ايضا بالتخلي عن منصبه في قيادة الجيش قبل إجراء الانتخابات العامة· ويسود الاعتقاد على أن الضغوط الأمريكية المستمرة على الرئيس الباكستاني في الفترة الأخيرة نابعة من أن واشنطن اصبحت تراهن أكثر على رئيسة الوزراء السابقة بنظير بوتو بدلا من الجنرال مشرف، وهوما يفسر الانقلاب في موقف بوتو التي تحولت من حليف محتمل للجنرال مشرف الى معارض شرس لسياسته بما يؤكد ان قرار هذا الأخير بفرض حالة الطوارئ لم يحظ بتأييد العواصمالغربية الحليفة له في مجال مكافحة الارهاب وفي مقدمتها واشنطن· وقد أعلنت بوتو أمس تخليها عن محادثاتها مع الرئيس مشرف حول تقاسم السلطة وتعهدت بشن حرب ضد الديكتاتورية في اشارة في نظام الجنرال برويز مشرف· وجاءت تصريحات بوتو في أول نشاط لها أمس عقب رفع الاقامة الجبرية عنها التي كانت قد فرضت عليها لمدة يوم واحد منعت خلالها من تنظيم تجمع لأنصارها في اسلام أباد ورغم استمرار حالة الطوارئ الا أن بوتو قررت تنظيم مسيرة ضخمة بعد غد الثلاثاء احتجاجا على فرض حالة الطوارئ تنطلق من مدينة لاهور باتجاه العاصمة إسلام أباد على طول 275 كلم· وقال ناطق في حزب الشعب الباكستاني الذي تتزعمه بوتو أن الموكب الاحتجاجي سيتم بوجودها اوعدمه في اشارة إلى الصعوبات التي قد تعترض مغادرة رئيسة الوزراء السابقة اسلام أباد· وضمن هذا التوجه الجديد بدأت بنظير بوتو تجري اتصالات لاقامة تحالف مع رئيس المحكمة العليا السابق افتخار تشودري الذي دخل في خلافات مع الرئيس مشرف بسبب دور المحكمة في اتخاذ القرارات· وقالت بوتو أثناء توجهها الى منزل تشودري أن لقاءه لايعتبر جريمة وأن هذا الأخير يبقى دائما رئيس الحكمة العليا· ويحظى افتخار تشودري بشعبية كبيرة في باكستان وهوما دفع ببوتو للمراهنة عليه في معركتها السياسية مع الرئيس مشرف· للإشارة فإن المحكمة العليا كان من المنتظر أن تعقد يوم غد اجتماعا حاسما للنظر في شرعية فوز الرئيس مشرف بانتخابات الرئاسة الأخيرة.