يعاني مرضى الربو بصفة خاصة والمصابين بالأمراض التنفسية عموما، من أزمات صحية خلال فصل الصيف، بسبب الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة. لكن التكيف مع هذا المرض، بل والتحكم فيه ليس أمرا مستحيلا، لذا من الضروري أن يعرف المريض كل تفاصيل مرضه ويعرف طريقة التعامل الجيد مع كل الأوضاع، لأن الاحتياط والوقاية هما أفضل سبيل لتجنب أزمات التنفس الشديدة التي توصل صاحبها إلى الاستعجالات. وضمن سياستها التوعوية، اختارت الجمعية الجزائرية للتضامن مع مرضى التنفس، وفي إطار إحياء اليوم الوطني للربو المصادف للثامن جوان من كل عام، أن تركز هذه السنة على مسألة قياس النَّفَس التي يهملها أغلب مرضى الربو، رغم أهميتها في تجنيبهم أزمات تنفس حادة. وتقول السيدة صبيحة لعموري، الأمينة العامة للجمعية؛ إن الهدف الرئيسي من إحياء هذه المناسبة منذ 18 عاما، هو إظهار أهمية الحديث عن مرض الربو الذي انتشر كثيرا ببلادنا في السنوات الأخيرة، دون خجل ودون أي طابوهات، إضافة إلى فتح المجال أمام المرضى لطرح أي أسئلة أو استفسارات حول المرض، إلى جانب طرق علاجه وأساليب التعامل الصحيحة معه. تقول؛ ''في ,1995 تم إقرار هذا اليوم الوطني، وكل سنة نحتفل به بتنظيم يوم إعلامي في إطار نشاطات الجمعية التوعوية والإعلامية، نتيح للمريض فرصة السؤال عن كيفية العلاج، لاسيما إذا لم يفهم جيدا توجيهات طبيبه، إذ نقوم بتوجهيه وإسداء النصح له، مع تبيان أهم طرق العلاج والوقاية من أزمات التنفس الحادة''. ومن ضمن التوصيات التي تؤكد محدثتنا أهميتها، أن يكون الطبيب المعالج للمريض -مع العلم أنه ليس شرطا أن يكون مختصا، فالأطباء العامون حاليا يمكنهم علاج مرضى الربو- قريبا من مقر سكن المريض، حتى يمكنه أن يتدخل بسرعة في حالة حدوث أي أزمة تنفس حادة، فالمستشفى قد يكون بعيدا، كما تشير. كما أن الأفضل بالنسبة للمريض هو الاحتياط قدر الإمكان لعدم الوصول إلى مرحلة الأزمة التنفسية، وذلك باتخاذ جملة من الإجراءات التي تجنب المريض الذهاب إلى المستشفى، لذا فإن المطلوب هو أن يتعلم المصاب بالربو وكل أنواع الأمراض التنفسية، كيفية استخدام العلاج بطريقة صحيحة. وضمن هذا المنظور، تركز الجمعية هذا العام على أهمية الاستعمال اليومي لجهاز قياس النَّفَس الذي مثله مثل باقي أجهزة القياس الخاصة بمستوى السكر أو الضغط، على سبيل المثال، يسمح للمريض بأن يراقب مرضه بشكل يومي، وبالتالي يمكنه إخبار الطبيب بأي تغيرات، وهو مايؤدي إلى تغيير العلاج إذا اقتضى الأمر، من أجل اتقاء شر الأزمات، تقول محدثتنا؛ ''نتمنى تعميم الجهاز على كل المرضى، فالصيادلة يقولون إنهم لايجلبونه، لأن المرضى لايطلبونه، لذا لابد من طلبه، فمن خلاله، يمكن للطبيب تعديل العلاج، وللمريض تجنب أزمة التنفس الحادة''. وعن العلاج، توضح السيدة صبيحة، وهي أم لابنتين مصابتين بالربو ومتطوعة في الجمعية، أن هناك اتفاق عالمي لاستعمال العلاج عن طريق البخاخة، أي عن طريق الاستنشاق، كما أن الرياضة ضرورية لمرضى الربو، وأفضلها السباحة التي تعد بمثابة عملية ''إعادة تأهيل عن طريق الماء للرئتين''، دون إهمال رياضات أخرى مثل؛ الجري، لكن من الضروري أخذ رأي الطبيب، لاسيما في حالة وجود حساسية ما لدى المريض تجاه مواد معينة. وحسبها، فإن هناك انتشارا ملفتا للربو في الجزائر سنة بعد أخرى، لاسيما في المدن الكبرى، بسبب التلوث، الازدحام والتدخين بصفة خاصة. لذا تدعو بشدة إلى التوقف عن التدخين، وتناشد التجار بالتوقف عن بيع السجائر. كما تتمنى زوال بعض المفاهيم الخاطئة عن المرض، لاسيما إذا تعلق الأمر بالمريضات من النساء، حيث يُقال أنهن لايمكنهن الزواج أو الإنجاب، وهي أخطاء ناجمة عن عقليات سائدة في مجتمعنا، كما تشير، معتبرة أنه من الضروري تصحيح هذه المفاهيم التي أصبحت جزء من ثقافتنا. رأي تشاطرها إياه السيدة رتيبة جفال، وهي تعاني من الربو منذ 30 سنة، إذ تتذكر كم كان صعبا في البداية تقبل أمر مرضها، ولاتتردد في القول بأنها كانت كغيرها من المرضى، تخجل من استخدام البخاخة أمام الناس في الشارع، حتى في حال إصابتها بأزمة تنفس... ''إننا نعيش في مجتمع يهمش المريض كما يهمش المعاق، لذا فإن هناك خجلا من إظهار المرض أمام الآخرين، لكن انضمامي للجمعية ولقائي بمرضى آخرين، ساعدني كثيرا على تجاوز هذا الطابو، واليوم أصبحت لا أعير أي أحد أهمية، ولا أتردد في الجلوس لحظة في الشارع واستخدام البخاخة في حال أحسست بأي ضيق في التنفس''. ورحلة المرض بالنسبة للسيدة رتيبة لاتتوقف هنا، لأنها بشجاعة كبيرة تمكنت من تحويل هذا ''الضيف الثقيل'' إلى ''صديق'' تحبه بمساوئه، ''أنا أقول عن مرضي؛ إنه صديقي، في الأول لم أكن أعرفه جيدا، فكان يتحكم فيّ، لكن إصراري على المقاومة جعلني أتعرف على مرضي جيدا، وأصبحت أنا التي أتحكم فيه... آخذ دوائي بانتظام، وأتأقلم لأعيش به في أي مكان، كان الأطباء يقولون لي؛ يجب تغيير مكان إقامتي لأتحسن، وهذا أمر مستحيل لأنه يتطلب انتقال كل عائلتي معي، لذلك أعتبر أن الوسيلة الأفضل هي معرفة مرضي والتكيّف معه، أتعلم ما يلائمني وما لايلائمني، فأصبح أنا طبيبة نفسي دون أن أنسى مواعيدي مع الطبيب المعالج، لكن يجب التنبيه إلى أن الربو مرض يختلف من شخص إلى آخر، لذا على كل واحد أن يعرف طبيعته الخاصة، ولايجب التوقف عند صعوبات المرض والبكاء على الحظ، إنما يجب السير نحو الأمام والقيام بأشياء مفيدة في المجتمع''.