على الرغم من أن نتائج الباكالوريا يتم تحصيلها عن طريق شبكة الأنترنت، غير أن المؤسسات التعليمية تظل خير مكان يلتقي فيه الطلبة للتعبير عن فرحتهم مع زملائهم وأساتذتهم، إذ يقبل الطلبة بعد اطّلاعهم على النتائج لتصفّح قائمة الأسماء ومعرفة الناجحين من الراسبين، وللاستفسار عن التخصصات التي يحلمون بها والجامعات التي يتمنون دخولها. تعالت الزغاريد والأفراح الممزوجة بالدموع عقب تعليق قوائم الناجحين في شهادة الباكالوريا، حيث تعد من أكبر التحديات التي يواجهها الطلبة للظفر بمقعد في الحرم الجامعي، وعلى الرغم من طول انتظار صدور النتائج التي وصفها أغلب المستجوبين بثانوية “عروج وخير الدين بربروس” بالعاصمة، بأنها كانت أياما عصيبة سيطر فيها القلق، الخوف والارتباك على مشاعرهم، غير أن عمر الفرحة بتحصيل شهادة الباكالوريا كان قصيرا، لأنه سرعان ما يصطدم فيه الطالب بالمعدل الذي يحدد مصيره، إن صح التعبير، فمن خلاله، قد يتمكن من اختيار الشعبة التي يرغب فيها، وقد يتم توجيهه إلى تخصّص قد لا يتماشى وطموحاته، مما يجعله يفكر مليا في خوض التجربة من جديد بمعنويات أقل ما يقال عنها؛ إنها غير متحمسة. عاشت “المساء” لدى تواجدها بثانوية “عروج وخير الدين بربروس” فرحة الناجحين الذين كانوا يتوافدون على الثانوية لقراءة أسمائهم وأسماء غيرهم من الناجحين، غير أن الفرحة التي كانت ترتسم على محياهم، كان يشوبها التفكير في المرحلة التي تأتي بعد النجاح، لاسيما وأن المستجوبين ممن دردشت معهم “المساء” يحلمون بتخصصات راودتهم منذ الطفولة، غير أن معدلات البعض منهم وإن مكنتهم من النجاح، غير أنها لا تسمح لهم بتحقيق أمانيهم . ففي حديثنا إلى الطالبة فايزة بوزهرة، شعبة آداب والحائزة على شهادة الباكالوريا بمعدل 13، قالت إنها تشعر بالارتياح بعد القلق والخوف اللذين راوداها منذ بداية السنة الدراسية، غير أنها تتمنى أن تدوم فرحتها بأن يسمح لها معدلها باختيار التخصص الذي ترغب فيه لدخول جامعة الإعلام والاتصال، ولشدة قلقها، راحت تسأل معلميها عن الفترة التي تبدأ فيها التسجيلات الجامعية لتبدد مخاوفها وتكتمل فرحتها. بينما تحلم الطالبة سارة عبوب بأن تكون أستاذة في اللغة العربية، وفي حديثها ل«المساء” قالت؛ “تحصيل شهادة الباكالوريا كان حلما صعب المنال... لم أكن أتوقع أن يكون اسمي مدرجا ضمن قائمة الناجحين، لكن وبعد أن عشت نشوة الفرح بالنجاح بمعدل 11، أحلم بالالتحاق بالمدرسة العليا للأساتذة، لذا أعتقد أن فرحتي الحقيقة لن تكتمل حتى أنتهي من التسجيل في التخصص الذي لطالما حلمت به. وجاء على لسان الطالبة سعيدة رباط الحائزة على شهادة الباكالوريا بمعدل 13، أن كثرت الوساوس التي كانت تراودها جعلتها تبحث عن عمل تشغل به وقت فراغها ويلهيها عن التفكير، فعملت كبائعة في محل، وبعدما بلغها خبر نجاحها الذي كانت تخشى السؤال عنه، تتمنى أن يؤهلها معدلها لدخول جامعة الحقوق، وعلقت بالقول؛ “أتمنى أن تكتمل فرحتي لأنعم بعطلة مريحة”. يبدو أن فرحة النجاح بهذه الشهادة التي أبكت الراسبين، بما في ذلك الأولياء، دفعت ببعض الناجحين إلى التفكير في خوض التجربة من جديد، بحكم أن المعدلات المحصل عليها لم تكن في مستوى التطلعات، فهذا الشاب عبد المالك الحائز على شهادة الباكالوريا بمعدل 11، قال في حديثه ل«المساء”؛ أجتاز شهادة الباكالوريا للمرة الأولى، ورغم أنني بذلت مجهودا كبيرا لأنجح بمعدل محترم يجعلني حرا في اختيار التخصص الذي أرغب فيه، غير أن فرحتي لم تكتمل، من أجل هذا، أفكر منذ اللحظة في خوض التجربة من جديد، علّني أتحصل على معدل أكبر. وهو ذات الانطباع الذي لمسناه عند الشاب عزيز الذي كان يتمنى أن يدخل كلية الطب، غير أن معدله لم يتجاوز 11، ومن أجل هذا قرر أن يختار تخصصا آخر ليجرب الدراسة بالحياة الجامعية، وأن يقوم في ذات الوقت باجتياز شهادة الباكالوريا مجددا، عله يتحصل على معدل أعلى في السنة المقبلة.