يعتقد الدكتور طارق عزيز ساحد أستاذ جامعي بمعهد الآثار، ان الفترة التاريخية الممتدة بين ما قبل التاريخ والعصور التاريخية فترة مجهولة لدى عامة الجزائريين، الأمر الذي دفعه الى تأليف كتاب حول هذه الحقبة التاريخية جاء تحت عنوان «آثار فجر التاريخ في الجزائر»، وأكّد في حديثه ل «المساء» أنّ هذا الكتاب يعدّ أوّل طبعة تصدر باللغة العربية حول هذه الحقبة التاريخية يحمل في طياته نظرة جديدة للبحث الأثري في الجزائر. قال الباحث طارق الذي التقته «المساء» بمعهد علم الآثار «أود ّمن خلال هذا العمل المتواضع جمع أقصى المعطيات التي تشكّل مفتاح فهم عصور ما قبل التاريخ، حتى يتمكّن القرّاء الجزائريون من الاطلاع ومعرفة جزء هام لا يمكننا تجاهله من تاريخ الجزائر، ويوجّه هذا الكتاب إلى كل فئات المجتمع، وأسعى من خلال هذا البحث إلى تعريف وإعطاء الصورة الحقيقية لإنسان ما قبل التاريخ الجزائري». ويضيف «وزّعت في هذا الإصدار الذي يتضمّن 297 صفحة المفاهيم التاريخية على خمسة محاور حيث تضمّن المحور الأوّل المدخل الذي عملت فيه على تعريف المقصود بفجر التاريخ الذي اختلفت فيه التعاريف، فيما خصّصت الفصل الثاني للحديث عن المخلّفات الأثرية التي عرفتها الحقبة التاريخية التي تعود الى فجر ما قبل التاريخ بينما حصرت الفصل الثالث في المعادن التي لم تأخذ حقّها من البحث، وجاء الفصل الرابع تحت عنوان إعادة النظر في تصنيف المعالم الجنائزية، هذه المعطيات الأثرية التي كشفت عنها تنقيبات السنوات الأخيرة، حاولت أن أعرّف بمكانتها ضمن العلوم الإنسانية، أمّا الفصل الأخير فحصرت فيه الحديث عن كلّ ما يتعلّق بالمرفقات الجنائزية». وجاء على لسان محدثنا أنّ الإشكالية التي حاول أن يعالجها بهذا الإصدار هي إعادة النظر في تعريف فترة فجر التاريخ، هذه الفترة الانتقالية التي يجهلها أغلب الجزائريين، لا سيما وأنّ البحوث في هذا المجال كانت تعدّ على أصابع اليد الواحدة وكانت في مجملها أعمالا تعود إلى باحثين أوربيين. تمحورت النتيجة التي خرج بها الباحث ساحد في إعطاء نظرة جديدة للبحث من خلال تصحيح جملة من المعطيات كعدم التركيز على المعالم الجنائزية فحسب واعتبارها أهمّ المخلّفات الأثرية، وإنّما ينبغي أيضا إعطاء أهمية للمعالم الأخرى كالفن في مراحله الأخيرة، المخلّفات الزراعية والمخلفات المعدنية التي تنسب الى عصر المعادن، الى جانب المسكن الذي لم يلق هو الآخر حقّه من التأريخ في فترة فجر التاريخ على الرغم من أنّه يعدّ جزءا من الموروث الثقافي الذي ينبغي البحث فيه. ويختم محدّثنا كلامه بالقول أنّ أهمية موضوع علم ما قبل التاريخ، تجعلنا نكتشف إنسان ما قبل التاريخ الذي مرّ بمراحل حضارية عديدة في ظروف بيئية ومناخية مختلفة، فقد أظهر البحث الأثري أهم انشغالاته اليومية، في صنع أسلحته وأدواته الحجرية المتقنة التي كانت تساعد نشاطه في الصيد والالتقاط من أجل تموين قوته، واستطاع إنسان ما قبل التاريخ أن يسيطر ويتحكّم في بيئته بشكل خاص، حيث طور نظامه المعيشي والاقتصادي.