لم تتمكن مختلف أطياف المعارضة السورية من توحيد صفها في وجه نظام الرئيس بشار الأسد مما أفقدها مصداقيتها لدى المتعاطفين الغربيين الذين يريدونها موحدة حتى يتمكنوا من اعتمادها كقوة سياسية بديلة عن السلطات السورية. وقد تأكد هذا الواقع، أمس، عندما أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية، أحد أكبر أطياف المعارضة في هذا البلد انسحابها من مؤتمر العاصمة المصرية الذي ضم 250 شخصية معارضة الذي عقد بهدف توحيد مختلف المقاربات بشأن مستقبل سوريا. وبررت الهيئة قرارها "برفضها الوقوع في التجاذبات السياسية التي تتلاعب بمصير الشعب والثورة وفق رؤى وأجندات تسمح بوضع الشعب السوري بين سندان الصراعات الدولية ومطرقة نظام الإجرام في سوريا". واعتبرت الهيئة أنه "في ظل التصعيد الذي يمارسه نظام الرئيس السوري بشار الأسد بارتكاب المجازر في حق الشعب وفي ظل عجز دولي كرسته نتائج مؤتمر جنيف الأخير، يصبح الحديث عن وحدة المعارضة السورية مجرد كلام للتغطية على هذا العجز". وأكدت أن "الأهمية القصوى الآن هي الاستمرار في تعزيز الوحدة الوطنية لقوى الثورة السورية وبشكل أساسي مع الجيش الحر في الداخل وتأمين الدعم لهذا الخيار بكل الوسائل. وكانت القيادة العامة للجيش السوري الحر في الداخل قد أعلنت هي الأخرى مقاطعتها لأشغال المؤتمر الذي حضره وزراء خارجية مصر وتركيا والعراق والكويت برعاية من الجامعة العربية بعد أن وصفته ب "المؤامرة". وتزامن هذا الشرخ الذي هز كيان المعارضة السورية في وقت قررت فيه روسيا مقاطعة ندوة باريس لأصدقاء سوريا المنتظر عقدها بالعاصمة الفرنسية بعد غد الجمعة. وأكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس، أن "موسكو كانت مدعوة ولكنها اعتذرت عن المشاركة وذلك لم يكن مفاجأة بالنسبة لنا" في إشارة إلى مقاطعتها لندوتي تونس واسطنبول. ويبدو أن الموفد الدولي إلى سوريا الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان لم يعد هو الآخر يثق في نجاعة هذه الاجتماعات التي تستنسخ مواقف لم تتمكن الدول المشاركة فيها من تجسيدها ميدانيا، وقال إن الحل الحتمي الآن يبقى التوصل إلى وقف لإطلاق النار كخطوة أولى قبل الدخول في المرحلة الانتقالية. وهو ما وافقته فيه المحافظة السامية لحقوق الإنسان، التي أكدت على ضرورة تنفيذ خطة عنان بكيفية تسمح بوقف الاقتتال ووقف تدفق الأسلحة إلى داخل سوريا من منطلق أنهما شرطان لا ينفصلان قبل الوصول إلى مرحلة انتقال سياسي تنتهي إلى تشكيل حكومة من السلطة والمعارضة. ويبدو أن هذا المزج بين طرفي المعادلة السورية يبقى مستحيلا بسبب العداء المستفحل بينهما وبسبب نوايا الدول الغربية من وراء ذلك إلى درجة جعلت روسيا تتهم هذه الأخيرة بإخراج اتفاق جنيف الأخير عن إطاره العام وإفراغه من محتواه الحقيقي من خلال تصريحات أرادوا من ورائها التنصل من التزاماتهم بخصوص الاتفاق.