دعا وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي إلى ضرورة تعزيز المبادلات بين الجزائر وباريس، مشيرا إلى ضرورة أن ينظر الطرفان إلى الذاكرة التي لا يمكن محوها، من منظور ما ينبغي أن يجند للمضي قدما بالعلاقات الثنائية دون نسيان الماضي، فيما أكد من جانب آخر ضرورة تغيير أوروبا نظرتها إلى الجزائر من اعتبارها ممونا بالطاقة فقط، إلى التعامل معها كفضاء لاستقبال الاستثمارات. وأشار الوزير في حديث ليومية "لوموند" الفرنسية في إطار الملف الخاص الذي أعدته حول الجزائر بمناسبة الذكرى ال50 للاستقلال، إلى أن الجزائر تنظر إلى علاقاتها مع فرنسا من زاوية الإمكانيات المتاحة لتحديد مجالات ملموسة للتجسيد الميداني لطموح البلدين في للرقي بهذه العلاقات إلى مستوى متميز، موضحا بأن هذا التميز "هو الذي يعود بنا إلى تاريخنا المشترك لنجعل من هذه العلاقة التاريخية محفزا ومؤهلا إضافيا لنبرز بشكل أحسن آفاقا للتعاون أكثر طموحا من ذي قبل". وأبرز السيد مدلسي في سياق ذي صلة أهمية وضع ترتيبات جديدة لتشجيع الاستثمار في الجزائر، واعتبر ذلك كفيلا بأن يقود الجزائر إلى وضع تقييم مع شركائها عموما ومع الشركاء الفرنسيين بوجه الخصوص لشروط تحقيق الاستثمارات المباشرة الخارجية، مقدرا في الوقت نفسه أن هذه "الشروط ليست سيئة لكن يمكن تحسينها". وفي حين أكد أن الإرادة التي تحدو رئيسي البلدين السيدين عبد العزيز بوتفليقة وفرانسوا هولاند حول شراكة متميزة هي إرادة مسؤولة، شدد الوزير على انه "لا يمكن لأي أحد من الطرفين أن يمحو الذاكرة"، مشيرا في نفس الصدد على انه "لا يمكن أن تبقى الرؤية لهذه الذاكرة تقتصر على الأشياء السلبية، وإنما ينبغي من خلال الذاكرة "رؤية ما يمكن أن يجند من أجل المضي قدما دون نسيان الماضي مع احترام وجهة النظر التاريخية". وبخصوص رغبة الرئيس الفرنسي في جعل الاتحاد من أجل المتوسط فضاء للتبادل بين المغرب العربي الكبير وأوروبا، أكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن "فكرة هذا المشروع ممتازة، غير أن العديد من العوائق اعترضت تجسيدها ميدانيا"، مذكرا في هذا الصدد بالظرف السياسي الذي يميز المنطقة المتوسطية ولا سيما الوضع في الشرق الأوسط والذي ظل دائما نقطة ثقل محورية تعيق الإرادة التي يعرب عنها كل طرف من أجل المضي قدما والتعاون أكثر". كما أشار في حديثه عن مشروع الإتحاد من اجل المتوسط إلى أنه "يكفي فقط الاتفاق على المشاريع الملموسة التي يمكن تجسيدها من قبل أعضاء الاتحاد ضمن أوضاع جيواقتصادية وجيواستراتيجية لا تضع البلدان الراغبة في هذه المشاريع أمام صعوبات على الصعيد السياسي"، واعتبر في نفس السياق المشاريع المحددة من قبل الاتحاد، خيارات ذات مردودية على المدى البعيد، داعيا إلى وضع ميكانيزمات للتمويل من شأنها بعث نقاش ملائم، والاستلهام من تجربة الاتحاد الأوروبي في التوسع نحو الشرق. من جانب آخر، اعتبر السيد مدلسي العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تسير عموما على النهج اللائق، مشيرا إلى أن الجزائر لديها في إطار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي عدة إمكانيات للتعاون، على غرار التعاون المؤسساتي الذي يمكن حسبه الجزائر والاتحاد الأوروبي من العمل سويا في مجالات متعددة مثل الاقتصاد والتكوين والتربية وحماية البيئة والتنمية المستدامة وكذا مجالات تتعلق بأهداف تحسين نظم الحكامة. وبعد أن أكد بأن العلاقات بين الجزائر والإتحاد الأوروبي تتخذ مجالا أوسع وأكثر تنوعا، أشار الوزير إلى تفهم الأوروبيين لمسعى الجزائر بمطالبتها إعادة تسوية رزنامة التفكيك الجمركي، كما أوضح في نفس السياق أن المفاوضات التي تجمع الطرفين منذ أكثر من سنة هي بصدد الخروج بنتائج، معربا عن أمله في أن يعلن أحد الطرفين في الأسابيع المقبلة عن اتفاق حول برنامج جديد للتفكيك. وفي حين ذكر بأن الجزائر تعد أحد أهم مموني البلدان الأوروبية بالغاز أعرب السيد مدلسي عن طموحات أخرى لترقية هذا التموين إلى أنواع أخرى من الطاقة على غرار الطاقة الشمسية التي قد تكون سواء بدمجها مع الغاز أو لوحدها طاقة تنافسية، وأشار إلى أن "هناك حاليا مشاريع في أوروبا تهم الجزائر، مؤكدا بأن الجزائر بصدد الانتهاء من اتفاق مع الاتحاد الأوربي من شأنه أن يؤسس لهذا التعاون الذي يشمل البعد التجاري، ما سيسمح للجزائريين بالمساهمة في توزيع منتجاتهم بأوروبا.