دعا مختصون في علم المناخ والمتغيرات المناخية، أمس، أصحاب القرارات السياسية إلى تنسيق العمل معهم خلال تسطير مختلف البرامج التنموية خاصة تلك المتعلقة بالقطاع الفلاحي والري، مؤكدين أن للتغيرات المناخية دورا كبيرا في إنجاح أو إفشال أي مخطط بالنظر إلى الانعكاسات السلبية المسجلة في الفترة الأخيرة بسبب الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة خلال فصل الصيف والعكس في فصل الشتاء مما خلف الكثير من الخسائر البشرية والمادية. وكشف السيد جمال بوشرف مختص في علم المناخ، خلال تنشيطه ندوة متبوعة بنقاش بمنتدى “ديكا نيوز”، أمس، أن الجزائر مثلها مثل باقي دول العالم تعاني من ظاهرة التغيرات المناخية، وهو ما لوحظ خلال هذه السنة التي تميزت بشح السماء من ناحية الأمطار خلال شهر جانفي الفارط ليتم تسجيل بعد ذلك موجة برد قارس لم تعرفها الجزائرية منذ عدة سنوات، وبالمقابل، سجل ارتفاع في درجات الحرارة بلغ مستويات قياسية خلال فصل الصيف وهي التغيرات التي تنبأ بها المرصد الوطني للأرصاد الجوية 48 ساعة قبل حدوثها، وعليه يستوجب اليوم من أهل القرار استشارة ذوي الخبرة في مجال مراقبة الطقس والمناخ قبل برمجة المشاريع التنموية خاصة قطاعي الفلاحة والري. واستدل المحاضر في حديثة باضطرابات إنتاج العديد من المنتجات الفلاحية بسبب الارتباط الكبير للقطاع بالمناخ، بالإضافة إلى تسجيل عدد كبير من الفيضانات في الوقت الذي يبقي فيه عدد من السدود فارغا، وعليه فإن الرجوع إلى خبرة أهل المناخ أضحى أكثر من ضروري اليوم، خاصة وأن وزارة الطاقة والمناجم كانت السباقة في التعامل مع مصالح الأرصاد الجوية بغرض إعداد خرائط لتحديد المناطق التي يمكن استغلالها في إنتاج الطاقة الكهربائية عن طريق الألواح الشمسية والمناطق المعروفة بهبوب رياح قوية لوضع المروحيات الكبيرة لتوليد الطاقة، من جهتها، لجأت بعض مؤسسات التأمين وإعادة التأمين إلى خبرة المختصين في علم المناخ لتحديد “مناطق مناخية” حسب نوعية الأضرار التي قد تلحق بالقطاع الفلاحي، غير أن باقي القطاعات لا تزال تهمش هذا المجال رغم أهميته. وعن سبب انتشار مثل هذه الظواهر للمتغيرات المناخية بالجزائر أشار السيد كمال قارة خبير دولي في علم المناخ ورئيس الوكالة الوطنية للمتغيرات المناخية، إلى أن ارتفاع نسبة انبعاث غازات الاحتباس الحراري بسبب آبار البترول والغاز ومناجم الفحم وراء حدوث التغيرات المناخية خاصة وأن الجزائر معروفة بتداخل الفصول، حيث سجل المختصون ارتفاع معدل درجات الحرارة وهو ما يؤكد بلوغ مستويات متقدمة من التغيرات المناخية. وعن الإجراءات المتخذة من طرف الفاعلين، أكد المتدخلون أن الخبراء في مجال علم المناخ حذروا منذ 20 سنة أصحاب القرار بضرورة أخذ الحيطة وتوجيه الاستثمارات الكبرى بما يتماشي والمتغيرات المناخية لكن لا أحد أخذ التحذير بعين الحسبان، وهو ما جعل الجزائر تعيش عدة كوارث طبيعية مرتبطة بالتهاطل الكبير للأمطار في وقت قياسي مما خلف حدوث عدة فيضانات كان من الممكن تجنبها، بالإضافة إلى تسجيل موجات برد قارس وأخرى حارة وجافة أثرت على إنتاج وعمل العديد من القطاعات. وبخصوص نشاط المرصد الوطني للأرصاد الجوية، أكد السيد بوشرف أن مجال البحث بالمرصد مهمش مما جعل الشباب الجامعي ينفر من التخصص في مجال علم المناخ، فرغم اهتمام رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بفئة الباحثين الجامعيين من خلال تحسين ظروف عملهم، إلا أن الباحث في مجال علم المناخ يبقي مهمشا ويتقاضى أجرا زهيدا لا يزيد عن 30 ألف دج وهو ما لا يساعد على بذل جهود إضافية، أما فيما يخص التنبؤ فقد قطعت الجزائر أشواطا كبيرة في هذا المجال وهي اليوم تنسق عملها مع مصالح أرصاد جوية عالمية، كما تم لغاية اليوم تنصيب 81 محطة عبر التراب الوطني وهو رقم غير كاف على حد قول المختصين.