حث الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، رؤساء الدوائر وإطارات الإدارة المحلية عبر الوطن على التحلي بالحياد التام خلال الانتخابات المحلية المقررة في 29 نوفمبر القادم، داعيا إياهم إلى بذل كل الجهود المتاحة لديهم من أجل إنجاح هذا الموعد السياسي الهام. كما ألح، من جانب آخر، على ضرورة ممارسة مسؤولي الإدارة المحلية لصلاحياتهم في تنفيذ وتوجيه ومراقبة كل العمليات المدرجة ضمن أولويات مخطط عمل الحكومة في شقه الخاص بتأهيل وتحسين المرافق العمومية والتكفل بانشغالات المواطن على المستوى المحلي. وأكد السيد سلال في توجيهاته لرؤساء الدوائر ومدراء التنظيم والشؤون العامة والمفتشين العامين ومدراء الإدارة المحلية في الاجتماع الذي نظمته وزارة الداخلية والجماعات المحلية، أمس، بقصر الأمم نادي الصنوبر بالعاصمة، أنه يتعين على الإدارة أن تكون "حيادية إلى أقصى حد"، حتى تجري الانتخابات المحلية المقبلة في ظروف حسنة وفي جو سياسي ملائم، مذكرا بأن هذا الموعد الانتخابي الذي سيعرف مشاركة 52 حزبا من أصل 57 حزبا معتمدا، لن يشهد أية دعوة للمقاطعة من أي حزب كان، ما يستدعي -كما قال- عدم اغضاب التشكيلات المشاركة، والالتزام التام من قبل الإدارة المكلفة بالتنظيم التقني للانتخابات وتجنيد المواطن للمشاركة، بعدم التدخل على أي مستوى كان للتأثير في نتائج الاقتراع". وبالمناسبة، أبرز مسؤول الجهاز التنفيذي أهمية هذا الاستحقاق الذي يأتي في خضم مرحلة تجسيد التعديلات المدرجة على النصوص القانونية التي جاءت بها الإصلاحات السياسية العميقة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وبعد المصادقة على قانوني البلدية والولاية الجديدين، اللذين يمنحان صلاحيات أوسع للمنتخبين المحليين، و«يجعل دور الإدارة المحلية في مجال تمثيل الدولة والسهر على تطبيق القوانين أقوى وأسهل مما كان عليه في السابق". وإذ ابرز أهمية اللقاء الذي بادر إلى تنظيمه وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية مع إطارات الإدارات المحلية، مذكرا بأن مثل هذا الإجتماع لم يتم عقده منذ سنة 1981، شدد الوزير الأول على ضرورة التزام أعوان الدولة على المستوى المحلي بكافة التوجيهات الرامية على ضمان تطبيق أولويات برنامج الحكومة المرتبطة بتأهيل وتعبئة المرفق العمومية وتحسين الإطار العام لحياة المواطنين، مؤكدا في هذا الصدد بأن الجزائر تمتلك كل الإمكانيات المادية والمالية والبشرية الكفيلة بنجاح برامجها في الميدان، وأن "ما ينقصها فقط هو تغيير ذهنيات المسؤولين والأعوان المكلفين بخدمة المواطن". وفي هذا الخصوص، وبعد أن ألح على أن إعادة الاعتبار للخدمة العمومية تعني خدمة المواطن "في كل أموره الصغيرة والكبيرة ومنذ ولادته إلى غاية وفاته"، شدد السيد سلال وهو يخاطب إطارات الإدارة المحلية على أن صلاحياتهم تقتضي منهم توجيه ومتابعة ومراقبة الإدارة المحلية في كل أعمالها، وتبليغ الإدارة المركزية بكافة النقائص المسجلة"، معلنا بالمناسبة بأنه سيسهر شخصيا على متابعة مدى تنفيذ توجيهات الحكومة من خلال زيارات ميدانية إلى الولايات للاطلاع على نوعية العمل المنجز في الميدان. واعتبر المتحدث أن مشكل البيروقراطية في الجزائر تفشى بشكل رهيب إلى درجة أن الأمر أصبح يتعلق بمشكل نظام بيروقراطي، محملا الإدارة جزءا معتبرا من مسؤولية هذه الظاهرة التي قال بأنها تتغذى من الظواهر الغريبة التي يلقاها المواطن عندما يقبل على تشكيل أي ملف إداري، "حيث يطلب منه في كل مرة إحضار أعداد كبيرة من الوثائق من أجل تشكيل الملف"، مشددا على ضرورة الكف عن مثل هذه الممارسات من أجل استرجاع ثقة المواطن في دولته، وحمله تدريجيا على الإسهام في الجهود الوطنية. ولدى تطرقه إلى محور القضاء على الأسواق الفوضوية، ذكر السيد سلال بالبرنامج الذي سطرته الحكومة في إطار امتصاص هذه النشاطات غير الشرعية، ولا سيما من خلال انجاز الأسواق الجوارية البديلة التي ستتولى المؤسسة العمومية "باتيميتال" انجازها، في حين أشار في حديثه عن مشكل السكن إلى أن الدولة التي تتوفر على كل الإمكانيات المادية، تعمل حاليا على إيجاد كافة الحلول الضرورية لمشكل نقص الأراضي، على غرار تشكيلها للجنة وزارية تضم 5 قطاعات مكلفة بتعيين أرضيات ومواقع مخصصة لبناء أحياء سكنية متكاملة، مثل الموقع الذي تم تحديده ببلدية برحال في عنابة والذي سيحتضن مشروع 10 آلاف مسكن على مساحة تمتد إلى 1400 هكتار، كما أبلغ مسؤولي الإدارة المحلية بولايات الجنوب والهضاب العليا بأنهم سيتلقون قريبا منشورا رسميا يسمح لهم بإنجاز "الأراضي المفرزة" و«التجزئات" لتسهيل عمليات بناء السكنات من قبل مواطني هذه المناطق، مشددا على ضرورة احترام النمط التقليدي في البناء على مستوى ولايات أقصى الجنوب "أدرار، تمنراست، إليزي وتندوف". وإذ ذكر بخيار الدولة اللجوء إلى شركات دولية إذا استدعى الأمر ذلك من أجل تسريع وتيرة انجاز السكنات، دعا الوزير الأول رؤساء الدوائر من جانبهم إلى عدم تعطيل عمليات توزيع السكنات على أصحابها، مقدرا بان هذا التأخير هو الذي يثير الشك في نفسية المواطنين ويدفعهم إلى التعبير عن الاحتجاج، وجدد في هذا الصدد استعداد الحكومة تغيير النصوص التطبيقية المرتبطة بتشكيلة لجان التوزيع إذا طلب منها ذلك، مؤكدا بأن الهدف الأسمى الذي ينبغي التوصل إليه في إطار أزمة السكن في البلاد هو "القضاء على الطلب على السكن". فيما تأسف المتحدث لدى تطرقه إلى موضوع الشباب لغياب التكفل التام بهذه الشريحة الهامة في المجتمع، كاشفا بأنه طلب الأسبوع الماضي من كاتب الدولة المكلف بالشباب بإعداد مشروع يتمحور حول إعادة بعث بطاقة الشاب التي تمنح مزايا متعددة للشاب، منها إمكانية الدخول إلى مختلف المراكز الثقافية عبر الوطن والاستفادة من تخفيضات في خدمات النقل. وفي الأخير ذكر السيد سلال بالاهتمام الخاص الذي يوليه رئيس الجمهورية للمحاور الخمسة المدرجة ضمن أولويات عمل الحكومة على المستوى الميداني والتي شكلت موضع الاجتماعات الجهوية التي نظمتها وزارة الداخلية والجماعات المحلية مع الولاة ومسؤولي الإدارة المحلية، ولا سيما منها المحور المتعلق بتعبئة وتأهيل المرافق العمومية وتقوية دور الدولة.