أكد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للجزائر، السيد زين زيدان، أن أداء الاقتصاد الجزائري يبقى قويا في 2012، مشيرا إلى أن نسبة نموه هذا العام بلغت 2.5 بالمائة ويرتقب أن ترتفع إلى 3.4 بالمائة في 2013. كما تحدث عن وضع مالي جد مريح للجزائر بفضل ارتفاع احتياطات الصرف ومحدودية الديون الخارجية، بالمقابل سجل ارتفاعا متسارعا في نسبة التضخم التي وصلت إلى 8.4 بالمائة في 2012. وكشف رئيس بعثة الافامي التي استكملت مهمتها بالجزائر بعد أسبوعين من اللقاءات مع السلطات الجزائرية والفاعلين الاقتصاديين والماليين والمجتمع المدني، عن أهم الأرقام التي ميزت الاقتصاد الجزائري خلال السنة الجارية، كما أفصح عن بعض التحفظات والتوصيات التي من شأنها تحسين أدائه. وفي ندوة صحافية نشطها، أمس، بالعاصمة، مع أعضاء البعثة، قال إن أسعار النفط المرتفعة مكنت من المحافظة على التوازنات المالية العمومية للجزائر، مشيرا إلى أن الاقتصاد مازال يعتمد على صادراته من المحروقات. وتحدث عن جملة من التحديات الواجب رفعها من طرف الجزائريين، أهمها تنويع الاقتصاد وترقية الصادرات خارج المحروقات، ودعم النمو وتخفيض نسبة البطالة لدى الشباب والنساء، وتحسين مناخ الاستثمار، وتخفيض نسبة التضخم. وعبر السيد زيدان عن اقتناعه بوجود رغبة لدى السلطات الجزائرية لدعم الاقتصاد خارج قطاع المحروقات وذلك "من أجل الوصول إلى نسبة نمو برقمين" كما أوضح. وبخصوص كيفية الوصول إلى هذا الهدف، اعتبر أن للجزائر قدرات هامة يمكن أن توظفها في هذا الاتجاه أهمها أنها سوق مهمة "تستورد 46 مليار دولار سنويا"، ولديها عوامل تنافسية داخلية لاسيما انخفاض سعر الطاقة وأسعار الصرف وتحسن الهياكل القاعدية، مشيرا كذلك إلى وجود طلب محلي هام، وكذا أسواق قريبة يمكن أن تساعد على تنمية الصادرات خارج المحروقات لاسيما أوروبا وإفريقيا التي قال أنها ستشهد نموا هاما في السنوات القادمة. وتحدث عن أهم القطاعات التي يمكن أن تدعم هذه السياسة وهي: الفلاحة (شدد على دمجها مع الصناعة) والسياحة والصيدلة وتكنولوجيات الاعلام والاتصال والبيتروكيمياء. لكن هذا لن يتحقق -حسب بعثة الافامي- إلا إذا تحسن مناخ الاستثمار، إذ اعتبر رئيس الوفد أن تصنيف الجزائر لايتماشى وقدراتها، وقال إن الوصول إلى مناخ أفضل يمر عبر تسهيل إنشاء المؤسسات وتخفيض الآجال وتبسيط الاجراءات الادارية، من خلال جعل الشبابيك الموحدة -التي أشاد بها- تعمل بفعالية أكبر. وطالب ببذل جهود أكبر في مجال توفير العقار الصناعي، معترفا أن جهودا كبيرة بذلت في هذا المجال، وسجل وجود رضا لدى المتعاملين الاقتصاديين للتطور الحاصل. وذكر مسألة تسهيل الحصول على القروض، كما دعا إلى تبسيط النظام الجبائي واعادة النظر في بعض الضرائب مثل الضريبة عن النشاط المهني. أما عن النظام المصرفي الجزائري الذي طالما دعا الصندوق إلى إصلاحه في السنوات الماضية، فقد صرح السيد زيدان انه في وضعية "جد متينة" إذ لايسجل أي مشاكل في توفير السيولة، ويحقق مكاسب، وأنه لا يثير أي "تخوفات"، معتبرا أن التحفظ في منح القروض أمر عادي من باب أن البنك من حقه التأكد من جدوى المشروع الممول. وعن سؤال حول رأيه في منع القروض الاستهلاكية قال إن الافامي ضد أي "تقييد" لمنح هذا النوع من القروض للعائلات التي تحتاجها، لكنه تحدث عن ضرورة تسيير العرض تجنبا لارتفاع التضخم. هذا الأخير هو تحد على الجزائر رفعه عبر اتخاذ الاجراءات التي تسمح بتخفيض نسبته إلى حدود 4-4.5 بالمائة.وهو مايتطلب التنسيق بين السياسة النقدية والميزانية للبلاد،عبر الابقاء على سياسة تسيير السيولة التي شرعت فيها السلطات هذه السنة والتحكم في النفقات كما جاء في قانون المالية 2013، وربما برفع نسب الفائدة. ولدى تطرقه لمسالة البطالة، قال أنها انخفضت بصفة معتبرة في العشرية الأخيرة، لكنه أكد أنها تبقى مرتفعة لدى الشباب بنسبة 21.5 بالمائة ولدى النساء ب17 بالمائة. وإذ حيا آليات تشغيل الشباب، فإنه دعا إلى تقييمها الدوري لتحسين أدائها، كما طالب بتوفير فرص عمل اكبر وهو مايمر عبر ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي، إضافة إلى مواءمة التكوين مع احتياجات سوق العمل.