حذر الدكتور محمد بن رضوان، مختص في الأمراض الجلدية والزهرية ورئيس قسم الفحوصات بمستشفى مصطفى باشا، من الانتشار الكبير لظاهرة التداوي العشوائي بالإعشاب في مواجهة بعض الأمراض الجلدية، ودعا بالمناسبة إلى ضرورة حث السلطات المعنية على وجوب تكوين فرق تتولى مهمة الرقابة على هذا النوع من الأنشطة، بالنظر إلى المضاعفات الصحية التي تترتب عن هذا النوع من التطبيب. يرجع الدكتور بن رضوان الذي التقته «المساء» على هامش ملتقى دولي نظم مؤخرا بالعاصمة حول الأمراض الجلدية، سبب الانتشار الكبير لبعض أنواع الأمراض الجلدية بالجزائر إلى موقعها الجغرافي الذي يجعلها عرضة للحرارة، هذه الأخيرة التي تتسبب في إنعاش بعض الفطريات والجراثيم. كما تتسبب في إصابة الفرد ببعض المضاعفات الجلدية. على غرار سرطان الجلد، الأمر الذي أدى إلى تفاقم نسبة الأمراض الجلدية المعدية إلى 50 بالمائة، حيث قال؛ «على الرغم من انتشار الوعي لدى بعض فئات المجتمع الجزائري بضرورة متابعة ومعالجة الأمراض الجلدية، لا سيما وأن الأطباء المتخصصين في هذا المجال متواجدون بكثرة، ومع هذا لا نزال نعاني كمجتمع من تفشي بعض أنواع الأمراض الجلدية الناجمة عن الانتشار الكبير للفطريات، الطفيليات والجراثيم، إلى جانب انتشار بعض أنواع الحساسية؛ كحساسية الجلد الناتجة عن الاستعمال العشوائي لبعض الكريمات ومواد التجميل المقلدة أو رخيصة الثمن. وجاء على لسان محدثنا أن ما يجهله بعض المرضى، هو أن بعض الأمراض الجلدية حقيقة تعالج بالأدوية والمراهم، وهي متوفرة بالأسواق وتعطي نتائج إيجابية، غير أن هناك أنواعا أخرى، مثل مرض الصدفية ومرض الثعلبة «تساقط الشعر في منطقة واحدة»، يكون علاجه نفسي، بحكم أن الصدمات النفسية التي يتعرض لها الناس قد تصيبهم ببعض الأمراض الجلدية، وعموما علاجها بسيط يكفي فقط أن يكون هناك تكفل نفسي. وفي رده عن سؤال «المساء» حول توجه بعض المواطنين إلى التداوي بالأعشاب، قال محدثنا إن التداوي بالأعشاب أو الطب البديل يطرح الكثير من المشاكل، يكفي فقط الحديث عن قلة الخبراء في هذا النوع من التطبيب، ففي الجزائر، هناك أكثر من 10 آلاف نوع من الأعشاب تحمل تسميات مختلفة، منها الأخضر واليابس، وإذا كانت النبتة تحمل أربع أجزاء وهي الأزهار، الأوراق، الجذور والأغصان، فإن استخراج الخصائص العلاجية لكل نوع وجزء من النبات يتطلب القيام ببحوث عميقة، وهو ما لا نجده في الجزائر. ويستطرد قائلا؛ «عندما نتحدث عن التداوي بالأعشاب، لابد أن يكون الطبيب المعالج بالأعشاب ملما بكل هذه الأمور ويعرف الخصائص العلاجية للنبات، وعدد الجرعات والمضاعفات الناجمة عن التداوي بها، غير أن الواقع يكشف عن وجود خبيرين أوثلاثة فقط في مجال التداوي بالأعشاب بطريقة علمية بكل أنحاء الجزائر، أما البقية ممن يدعون الاختصاص، فلا علاقة لهم بالطب البديل، ومع هذا يقصدهم المرضى ويقدمون لهم بعض الوصفات العلاجية التي لا يقبلها لا العقل والعلم ويتعب منها الجسم! ويضيف؛ «حقيقة كانت الأعشاب فيما مضى تعالج بعض الأمراض الجلدية، غير أن اعتماد نفس الطرق العلاجية اليوم مع التطور الكبير الذي يعرفه العلم، لم يعد يجدي نفعا، وهنا ينبغي لنا دق ناقوس الخطر من خلال دعوة الجهات الرسمية للتحرك من أجل فرض الرقابة العارمة على من يدعون معرفة الخصائص العلاجية لبعض النباتات، لما في ذلك من خطورة على صحة المواطن الذي لا يزال يؤمن ببعض الأعراف والمعتقدات التقليدية في علاج بعض الأمراض الجلدية. التخوف الكبير من انتشار رواج التداوي بالأعشاب بطريقة عشوائية، دفع بالدكتور محمد إلى اقتراح تكوين جهاز مكلف بمراقبة ومتابعة العاملين في الطب البديل، حيث قال؛ «اذكر أنني منذ أربع سنوات خلت، اقترحت تكوين فرقة طبية تتجول عبر الوطن، مهمتها مراقبة الأشخاص الذين يعملون في مجال التداوي بالأعشاب من أجل التأكد من مدى فعالية ما يتم إعداده من وصفات وتقديمه للناس، غير أن المبادرة لم تلقى الترحيب. وعليه، حبذا لو أن الجهات الرسمية تتحرك لوضع استراتيجية رقابية على الأشخاص الذي يدعون قدرتهم على العلاج بالأعشاب، يقول محدثنا.