استبعد كلايتون سويشر الخبير الأمريكي المختص في الدراسات العربية والشرق الأوسط إمكانية التوصل إلى تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في القريب المنظور، في إشارة واضحة إلى استحالة إيفاء إدارة الرئيس الأمريكي بالتزاماتها حول إقامة دولة فلسطينية نهاية العام الجاري. وقال الخبير الأمريكي الذي ألقى أمس محاضرة تحت عنوان "التصورات الأمريكية لمستقبل الدولة الفلسطينية" بمركز جريدة "الشعب" للدراسات الإستراتيجية أنه لا يمكن تصور أي حل للقضية الفلسطينية في المستقبل القريب في غياب إرادة سياسية حقيقية سواء في واشنطن، إسرائيل أو فلسطين. وأعطى الباحث الأمريكي مقاربات متشائمة بخصوص إمكانية إنهاء حالة التوتر التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ولاسيما وعود الإدارة الأمريكية بإقامة الدولة الفلسطينية وذلك في ظل استمرار فرض الولاياتالمتحدةالأمريكية لمنطقها ومساعيها الحثيثة لخدمة مصالحها على حساب مصالح شعوب المنطقة. وقال سويشر أن واشنطن ومن خلال هذا المنطق تسعى إلى خلق نظام فوضوي ينطلق من أفغانستان وباكستان مرورا بالعراق وسوريا وصولا إلى لبنان وفلسطين بهدف احتواء ما تسميه التهديد الإيراني لمصالحها في المنطقة. وقال أن ما تقوم به إدارة الرئيس بوش من خلال تحريكها لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما هو في الواقع سوى عمليات بروتوكولية حتى تتمكن من القيام بأعمال أخرى وحل قضايا تهمها وتنصب جميعها في خدمة مصالحها بمنطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها احتواء الخطر الإيراني. واعتبر الباحث الأمريكي أن هذا الخطر هو الدافع الذي جعل إدارة الرئيس بوش تلجأ إلى عقد مؤتمر انابوليس حول السلام في الشرق الأوسط نهاية شهر نوفمبر الماضي بالرغم من عدم وجود أية نية لديها في إقامة دولة فلسطينية بحكم أن هناك مسؤولين في هذه الإدارة لايؤمنون بذلك. واعتبر أن مشكل الولاياتالمتحدة الحقيقي يبقى عدم اعترافها بان ما يعكر صفو علاقاتها مع العالم العربي هو استمرار احتلال إسرائيل للاراضي الفلسطينية. ولتأكيد قناعته بعدم إمكانية قيام الدولة الفلسطينية قدم الباحث الأمريكي مجموعة من الأدلة التي اعتبرها بمثابة دليل قاطع على ان الرئيس بوش لا يمكنه الإيفاء بالتزاماته التي تعهد بها أمام الفلسطينيين لتحقيق حلمهم في بناء دولتهم المستقلة. وقال أن إدارة الرئيس بوش استفادت من مجموعة من المعلومات من إدارة كلينتون حول طبيعة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي والعربي -الإسرائيلي في عمومه مكنتها من استخلاص عدد من الدروس صبت كلها في سياق واحد وهو استحالة إقامة هذه الدولة. وأولى هذه الدروس انه لا يجب الإكثار من المفاوضات وأنه لا يمكن حل هذه القضية من خلال عقد قمم لأن التجربة أثبتت فشل كل المؤتمرات التي عقدت من أجل تسوية القضية الفلسطينية. ثم انه لا يجب التعامل مع هذا الملف بحماس كبير واعتبر أن أحداث 11 سبتمبر 2001 أعطت نوعا من المصداقية لهذا الأمر بعدما ظهر مفهوم الإرهاب الذي اتخذته الولاياتالمتحدة غطاء لإعطاء الشرعية لكل تدخلاتها العسكرية في أي منطقة من العالم. وأضاف أن الدرس الثالث الذي استخلصته إدارة الرئيس بوش يتمثل في عدم إمكانية حل المسألة السورية الإسرائيلية قبل تسوية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وهو ما جعلها تعمل على تهميش سوريا من جهة وحركة حماس من جهة أخرى. ولكن الخبير الأمريكي أكد انه لا يمكن تحييد سوريا في أي ترتيبات تسعى إليها واشنطن في المنطقة بالنظر إلى الدور الهام الذي تتمتع به دمشق كما أنه لا يمكن تهميش حركة حماس باعتبارها تملك قاعدة واسعة في اوساط الشعب الفلسطيني. وفي سياق حديثه عن إسرائيل قال كلايتون سويشر أن إدارة الرئيس بوش تلقت معلومات تؤكد أن إسرائيل لن تتراجع أبدا إلى حدود 1967 وهي مستمرة في بناء المستوطنات على أنقاض الأراضي الفلسطينية بما يؤكد ان كل ما تقوم به إدارة الاحتلال والتفاوض مع الطرف الفلسطيني فهو في حقيقة الأمر سوى غطاء لتنفيذ مخططاتها. وأقر الباحث الأمريكي في الأخير بأن للوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة ثأثير قوي على صناعة القرار في البيت الابيض وهو ما يجعل الرؤساء الامريكيين مكبلين في تحركاتهم باتجاه تسوية النزاع الفلسطيني الاسرائيلي حتى وان أرادوا ذلك.