أكد وزير الشؤون الخارجية، السيد مراد مدلسي، أن الحوار السياسي القائم منذ سنتين بين الجزائر والاتحاد الأوروبي لا يحمل أية "طابوهات" ولا يستبعد أية مسألة من المسائل، بما فيها تلك المتعلقة بحقوق الإنسان والمجتمع المدني واللاجئين، داعيا إلى عودة الاستثمارات الأوروبية إلى الجزائر، واغتنام الإطار التشريعي المشجع الذي تعمل الجزائر على وضعه لفائدة المتعاملين. في حين أكدت وزيرة الخارجية القبرصية كوزاكو ماركوليس التي يتولى بلدها رئاسة الاتحاد الأوروبي أن الحصيلة الإيجابية للتعاون بين الجزائر والاتحاد في 2012 ستسمح للطرفين بتعزيز علاقاتهما الثنائية أكثر. وحرص السيد مدلسي خلال لقاء صحفي مشترك مع نظيرته القبرصية عقب الدورة السابعة لمجلس الشراكة الجزائري الأوروبي، على التأكيد بأن اجتماع هذا المجلس تناول كافة المسائل في إطار اللجنة الفرعية للحوار السياسي الجزائري الاوروبي، بما فيها المسائل التي كانت منذ عدة سنوات تعتبر بمثابة "طابوهات" ومستبعدة من الحوار مثل مسألة حقوق الإنسان والمجتمع المدني ومسألة اللاجئين السياسيين، مؤكدا بأن الجزائر تسجل تقدما في هذه الميادين بصفة طوعية "كونها تعتقد أن لها الحق في التقدم على مسار تعزيز حقوق الانسان". وأشار المتحدث إلى أنه تحادث مع الجانب الاوروبي حول مسألة تنقل الأشخاص التي تطالب الجزائر بضرورة تعزيزها بالرغم من الجهود المسجلة في هذا المجال، مؤكدا بأن مسألة الأمن التي تطرق إليها الاتحاد الاوروبي وتعد وراء رفض منح تأشيرات، يتم التكفل بها من خلال التسيير الجيد لاتفاقات إعادة القبول التي أبرمتها الجزائر مع أغلبية الدول الاوروبية. وفيما يخص السياسة الاوروبية الجديدة للجوار أعرب السيد مدلسي عن تفاؤله لكون المفاوضات بين الجزائر والاتحاد الاوروبي توجت باتفاق توافقي، مشيرا إلى أن الطرفين سيعملان خلال السداسي الاول من سنة 2013 على دفع المفاوضات للتوصل إلى برنامج عمل توافقي. ووصف رئيس الدبلوماسية الجزائرية حصيلة التعاون الثنائي في المجال الاقتصادي خلال الأشهر 18 الأخيرة بالمثمرة، كونها تميزت -حسبه- بإبرام اتفاق حول التفكيك الجمركي والاتفاقية الإقليمية "بان اوروميد" حول قواعد المنشأ، فيما أكد بأن العلاقات الطاقوية الإستراتيجية بين الطرفين ستتعزز في إطار مذكرة تفاهم لدعم التعاون في مجال الطاقات التقليدية والطاقات المتجددة على السواء، داعيا إلى أهمية عودة الاستثمارات الأوروبية إلى الجزائر التي تتهيأ لتعزيز مناخ أعمالها في سنة 2013. من جانبها، وصفت الرئاسة القبرصية للاتحاد الاوروبي حصيلة التعاون بين الجزائر والاتحاد الأوروبي خلال سنة 2012 بالايجابية، مؤكدة بأن هذه الحصيلة ستسمح للطرفين بتعزيز علاقاتهما الثنائية أكثر. وأشارت وزير الشؤون الخارجية القبرصية في هذا الصدد إلى أن التعاون الجزائري-الاوروبي كان غنيا بالتطورات الايجابية خلال سنة 2012، التي تميزت أساسا بقرار الجزائر التفاوض حول الانضمام إلى سياسة الجوار الجديدة، علاوة على إبرام اتفاق التفكيك الجمركي والتوقيع على اتفاقية تعاون حول البحث العلمي. وحيت السيدة ماركوليس الإصلاحات التي خاضتها الجزائر ولاسيما في المجال السياسي، مشيرة إلى أنها تطرقت مع نظيرها الجزائري إلى سبل تعزيز دور المجتمع المدني، كما أعربت بالمناسبة عن ارتياحها لتعزيز التبادلات السياسية بين الجزائر والاتحاد الاوروبي الذي تميز هذه السنة بزيارتي السيدة كاترين اشتون الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية والسيد ستيفان فول المفوض الأوروبي المكلف بالتوسيع وسياسة الجوار إلى الجزائر. وفي حين ذكرت بأن التبادلات بين الطرفين تعززت أيضا من خلال مشاركة بعثة ملاحظين أوروبيين في تشريعيات 10 ماي الفارط، أكدت الدبلوماسية القبرصية أن الاتحاد الاوروبي والجزائر المنشغلين بالوضع في الساحل، تبادلا وجهات النظر حول الأزمة في مالي واتفقا على ضرورة التعاون بصفة وثيقة لتسوية هذه الأزمة مع الدول الأخرى للمنطقة. وكان السيد مدلسي قد أكد في تصريح للصحافة حول هذه المسألة بأن الجزائر ستتحمل مسؤولياتها في إطار احترام قرارات مجلس الأمن الأممي بخصوص تدخل عسكري في مالي، مشيرا إلى أن المجموعة الدولية تؤيد الحل سياسي للأزمة المالية. وأشار السيد مدلسي إلى أن مسار المفاوضات مع أنصار الدين والحركة الوطنية لتحرير الأزواد بدأت تكتسي حيوية أكبر، مؤكدا بأن الماليين تقدموا في الحوار السياسي الذي بدأ مع أطراف كانت تعتبر متمردة وأصبحت أطرفا في المفاوضات. للإشارة، فقد أكد وزير الخارجية السيد مراد مدلسي قبل افتتاح أشغال الدورة ال7 لمجلس الشراكة الجزائرية-الأوروبية أن الجزائر تغتنم فرصة اجتماع المجلس لتوجيه رسالة مفادها أن الجزائر في 2012 تحمل خصوصيات بلد مستقر وهادئ رغم الأزمة السياسة والمالية الدولية، مشيرا إلى أن الجزائر تأمل في المقابل تحقيق تطور فعال لتعاون يعود بالفائدة عليها وعلى شركائها الأوروبيين. وعلى هامش اجتماع مجلس الشراكة تحادث السيد مدلسي مع رئيس البرلمان الأوروبي السيد مارتين شولز حول العلاقات الثنائية ولاسيما الاقتصادية والتعاون الاوروبي المغاربي والمسائل ذات الاهتمام المشترك، كما التقى الوزير مع السيد المار بروك رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي، والسيد برنادينو ليون غوس الممثل الخاص للاتحاد الاوروبي في الضفة الجنوبية للمتوسط والسيدة رشيدة داتي عضو في المجلس الاوروبي. على صعيد آخر، يتوقع خبراء من الوفد الجزائري المشارك في أشغال مجلس الشراكة ببروكسل انضمام الجزائر قريبا إلى برنامج الربيع "سبرينغ" الذي بادر به الاتحاد الاوروبي لفائدة البلدان المعنية "بالربيع العربي" والموجه لدعم الحكامة، "حيث سيتم إشراك الجزائر كونها بلدا في طور تعزيز مرحلة الانتقال الديمقراطي". وفي إطار هذا البرنامج تستفيد الجزائر في مرحلة أولى من غلاف مالي بقيمة 10 ملايين أورو قابلة للصرف قبل نهاية 2012، فضلا عن دفعة ثانية بذات القيمة يتم دفعها سنة 2013.