سمحت الطبعة الثانية من مهرجان الجزائر الدولي للسينما من إعطاء تصور عن واقع السينما في فلسطين، من خلال عرض ستة أفلام روائية قصيرة وفيلم وثائقي، إذ كرم المهرجان شبكة “شاشات”، ومن خلالها السينمائيات الفلسطينيات اللواتي أنجزن الأفلام، والتي استمتع بها الحضور المحتشم مساء أول أمس بقاعة ابن زيدون بالجزائر العاصمة. حضر عبد السلام شحادة ليمثل شبكة “شاشات” للسينمائيين الفلسطينيين باعتباره أحد المدربين فيها، وقدم بالمناسبة التجربة الرائدة للشبكة، واعتبر أن مشاركتها وتكريمها بمهرجان الجزائر جانب من البرنامج العام لهذه الهيئة، واعترافا منها بإسهام الثقافة والفن الجزائريين في الدفاع عن القضية الفلسطينية وترقية المرأة العربية وتعبيراتها في آن واحد. وبخصوص الأفلام التي عرضت، يرى المتحدث أن السينما قناة ناجعة لإسماع صوت فلسطين الجريحة التي تئن تحت بطش العدو والاحتلال الإسرائيلي، أكثر من النهج السياسي، وفي مضمون الأفلام المنجزة حديثا، نستشف قوة الرسائل التي تلخص حجم المعاناة. ومن المهم الإشارة إلى أنه في الوقت الذي تجري فيه فعاليات هذه الطبعة الثانية لمهرجان الفيلم بالجزائر، يتواصل مهرجان الفيلم النسائي “شاشات” برام الله وعدة أماكن من الضفة الغربية، وقطاع غزةبفلسطين، سيختتم المهرجان الذي تم تدشينه في 21 نوفمبر، في 15 ديسمبر، مما يسمح لمنظميه تلقيبه بأطول مهرجان للفيلم النسائي في العالم العربي، ويحق للمهرجان الذي يدوم 26 يوما، أن يعتبر أحد أطول المهرجانات في العالم، إن لم يكن الأطول في الأصل. ويعتمد المهرجان الذي أنشئ من أجل ترقية مواهب المخرجات الفلسطينيات على شبكة “شاشات”، وهي مؤسسة تعنى بهذا الشأن على مدار السنة عبر تنظيم محكم والتزام رائع. ومن بين المشاريع التي أقامتها “شاشات” مشروع طموح يمتد على سنتين، يدعى؛ “أنا امرأة من فلسطين”، ونجحت في الحصول على تمويل من قبل عدة مؤسسات دولية، حيث تبرمج الأعمال السينمائية المنجزة في هذا النطاق بانتظام ضمن هذا المهرجان. وحول الأفلام المعروضة، تروي المخرجات قصصهن بمستوً عال، وحملت الأعمال المشاهدين إلى دوائر خفية وعالم الأفراح، وبينت حقيقة المقاومة والآثار النفسية على الفلسطينيات، ففي فيلم “ولادة” للمخرجة ديمة أوغوش، تروي قصة البنت “فرح” التي تخاف من العتمة والليل، لكنها تجد نفسها مجبرة على سلك طريق في ظلام دامس، حتى تأتي بإسعاف لأمها التي جاء موعد ولادتها، لتبلغ المخرجة من وراء هذا الفيلم كيف أن الأطفال يحرمون من طفولتهم ويمارسون المسؤولية منذ نعومة أظافرهم، وقد قام المحتل بقتل أبيها أو جعله يهرب أو في جبهة المقاومة. أما فيلم “فرويتي دريمز” لليلى عباس، فيتناول موضوع اختلاف في أراء مواطنين فلسطينيين حدث داخل متجر بخصوص مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وفي خضم تصاعد الخلاف، تنسل فتاة صغيرة من وسطهم وتتوجه نحو لعبة الحصان، وتتناول البوضة التي كانت منذ البداية محل الإشكالية، في محاولة للمخرجة إبراز أن نداءات المقاطعة التي تقوم بها بعض الشعوب لا تعنيهم هم اللذين يواجهون الاحتلال في عقر دارهم، فلا يمكن حرمان أنفسهم ولا أطفالهم من الغذاء، كون ذلك هو المتوفر. وكشفت أفلام “ممنوع وبس”، “زهور منسية” و«الأول كان الأخير”، جوانب اجتماعية يعاني منها المجتمع الفلسطيني، أما أفلام “على الهواء” و«لو أخذوه”، فقد عالج الأول الحرب الإعلامية بشأن القضية الفلسطينية في قالب هزلي، أما الفيلم الثاني فهو وثائقي مهم يعرض صور قمع المستوطنين الإسرائليين لبيت أم أيمن بجنان صوفان، وتمكنت المخرجة ليالي كيلاني من استعراض قصة حامية المنطقة، إذ يخافها المستوطنون أشد الخوف من صمودها وبسالتها.