يتميز المجتمع القبائلي بإحيائه لعادات وتقاليد مختلفة، ورثها عن الأجداد وتعلم الحفاظ عليها بإحيائها وتعليمها للجيل الصاعد كونها تمثل جزءا من شخصيته وثقافته، ولعل من بين هذه العادات “عادة تشمليث” أي حملات تطوعية التي تنظم بالقرى والمداشر خلال المناسبات أو دونها. ترمز عادة “تشمليث” إلى احدى صفات المجتمع القبائلي الذي تعودت العائلات فيه على تقاسم الأشغال، الفرح والمعاناة، تعبيرا على العلاقات القوية التي تربطها ببعضها البعض كأنها أسرة واحدة، وما نراه اليوم بالمجتمعات القروية ليس إلا دليل على ذلك، أمثلة عديدة على تلك القرى التي لا تزال تمارس هذه العادة، و كمثال على ذلك قرية تفليكوث، ايت عيسى اويحيى التابعة لبلدية ايليتين حيث لا يزال السكان يعتمدون على عادة “تشمليث” للقيام بأشغال تتعلق بالقرية كالتنظيف، الغرس، وعدة أعمال تحسين إطار معيشتهم، حيث يجتمعون ب “ثجماعث نتدارث” للتفاهم على أن يكون تاريخ ويوم معين للقيام بتشمليث لإنجاز أشغال ذات منفعة عامة بإمكانياتهم الخاصة فقط على أن يكون يوم عطلة يناسب الجميع من العامل، الطالب وغيرهم من سكان القرية، الذين يتعاونون معا على القيام بأعمال شاقة وفي بعض الأحيان يؤدي إلى هلاك بعض أفراد من القرية نتيجة وقوع حوادث، لكن ذلك لم يوقف هذه العادة نظرا لأهميتها وفائدتها بالنسبة لهم وكذا لكونها عادة موروثة وقديمة، كما أنها تساعد على تقوية أواصر المحبة بين سكان القرية الواحدة. وحسبما ذكره عمي “ارزقي” من قرية حورة “بوزقان”، فإن هذه العادة تحمل معاني كثيرة في الأصل ليس فقط لإنجاز أشغال ذات منفعة عامة أو ما شابه ذلك، بل تدل على أنها فرصة لكل من له مشاحنات في نزاع مع آخر لكي يحله وذلك بالمشاركة معا لإنجاز عمل معين، فالكلمة نفسها” تشمليث” تعني لم الشمل واجتماع أناس للقيام بفعل ما معا والتعاون معا “ونحن كقرويين حافظنا ولا نزال نحافظ على هذه العادة كونها أساسا وركيزة للحفاظ على وحدة السكان وفض أي خلاف بينهم”. وأضافت نا “لا تامن” زوجة عمي ارزقي، ففيما يقوم الرجال ب«تشمليث” نحن النساء نجتمع بدورنا بمنزل معين لإعداد الأكل، حيث نختار منزلا معينا لنجتمع فيه ونحضر أطباقا مختلفة، ويكون ذلك اليوم جد مميزا لكونه يحدث نوعا من الحماس بالقرية من جهة ويلم شمل السكان في اجتماعهم على تناول طبق واحد والذي يكون غالبا طبق الكسكس الذي تتميز به منطقة القبائل. مضيفة أن هذه العادة ستظل تمارس لكونها تقرب السكان من بعضهم البعض، كما أنها تمارس على مدار ايام السنة وليس فقط في المناسبات .