لم تهضم الصحف المغربية، الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر، وانعكس ذلك من خلال حجم الأهمية التي أولتها لها وعكست غيضها وحمقها من كون الرئيس الاشتراكي خص الجزائر قبل الرباط بزيارة تاريخية لها. وذهبت بعض العناوين إلى حد الازدراء بالرئيس الفرنسي ووصفته إحداها ب „"هولاند الجزائري“ وأخرى تحت عنوان „"هولاند عند الإخوة الأعداء“ في تهمة مبطنة أنه فضل في أول خرجة له إلى المنطقة المغاربية، زيارة الجزائر بدلا من المغرب. والحقيقة أن غيض الصحف المغربية هو في واقع الحال انعكاس لموقف الملك محمد السادس، الذي كان أول من انتقل إلى باريس لتقديم التهاني للرئيس الفرنسي الجديد وهو الذي كان يمنّي نفسه أن يرد هولاند الجميل له بتشريف الرباط بأول زيارة لها. وعندما ندرك أنه لا الملك استطاع الجهر بموقفه ولا أعضاء حكومته، فقد وجد المخزن جرائده الخاصة والحكومية وحتى الحزبية للتعبير عن موقفه الذي بقي غصة في حلقه. والمفارقة أن موقف الرباط الساخط على الرئيس الفرنسي عبر البوابة الجزائرية، جاء رغم التطمينات التي حرصت باريس على تقديمها لها، بإرسالها لرئيس حكومتها جون مارك ايرولت الذي طمأن جلالته أن زيارة هولاند لا تعني أنها انتقاص من مكانة المغرب في الحسابات الفرنسية وأيضا رغم أن الرئيس الفرنسي نفسه حرص على تأكيد زيارة له إلى المغرب بداية العام القادم. ويكون سخط الرباط على باريس مردّه إلى قرار شركة „رونو“ للسيارات، إقامة معمل لها في الجزائر أشهرا بعد موافقتها إقامة آخر في المغرب، ضمن المنطق الأناني لها في جلب الاستثمارات الأجنبية وخاصة الفرنسية إليها بدلا من الدول المغاربية الأخرى. وثالثا لأن الرئيس الفرنسي أبدى ليونة في تعامله مع الموقف في الصحراء الغربية، عندما قال أنّ موقف بلاده سوف لن يخرج عن إطار الأممالمتحدة التي كررها ثلاث مرات متتالية. وهو ما نظرت إليه الرباط بعين الريبة والخوف، من احتمالات تكييف باريس لموقف أكثر براغماتية وبما يخدم مصالحها في ظل تحولات متسارعة في المنطقة العربية.