عرف المشهد الثقافي والفني خلال هذه السنة زخما ملحوظا وتطبعت كل النشاطات والفعاليات بخمسينية ذكرى الاستقلال. تواصلت مسيرة كوكبة البرامج والمهرجانات الثقافية التي أسست لاحتفالية خمسينية الاستقلال لينشط أكثر من 16 مهرجانا خلال 2012 عبر 13 ولاية. تصدرت الملتقيات المشهد الثقافي وتناولت مواضيع تكاد لا تحصى وكلها ذات أهمية بالغة; نذكر منها مثلا ملتقى «من مقاومين إلى مؤسسي المكتبة الوطنية الجزائرية: تكريم محمود آغا بوعياد وعبد اللطيف رحال وزليخة بقادور»، ملتقيات أخرى عديدة، منها «الحركة الوطنية والثورة التحريرية بالعاصمة وضواحيها»، ومتلقيات عن المقاومة التي شهدتها مختلف مناطق الوطن، هناك ملتقى آخر عن»دور الصوفية في المقاومة» وملتقى دولي عن «الجزائر في القرن ال 19»، «الهجرة وثقافة المقاومة» و«50 سنة من الإنتاج الموسيقي». فيما يتعلق بالمعارض، افتتحت الكثير منها ذات المضامين المختلفة ك «50 سنة من مقتنيات المتحف الوطني للفنون الجميلة»، «معرض الفروسية في القرن ال 19». و«أحمد باي» ومعرض «الفنانين التشكيليين والثورة التحريرية (راسم، خدة، مسلي، حداد وغيرهم»، معرض «الهندسة المعمارية العسكرية للقصبة»، و«المجاهدات: بطلات الجزائري» و«التراث الثقافي الوطني البحري». كما نظمت بعثة الاتحاد الأوربي بالجزائر ضمن أنشطتها الثقافية لعام 2012، مسابقة في الرسم لفائدة طلبة المدرسة العليا للفنون الجميلة حول موضوع «دول الاتحاد الأوربي في تصور طلبة الجزائر» وذلك برواق «محمد راسم» في جويلية الماضي أريد منها تحفيز روح الإبداع لدى الطلبة وتشجيعهم على معرفة أوربا عبر 30 لوحة خاصة ببعض الدول الأوربية المجهولة عند الجزائريين منها استونيا ولاتفيا والتشيك.
التفاته إلى أب الفنون ظهرت للوجود عدة أعمال مسرحية خلال هذه السنة، قارب عددها ال 50 عملا منها 16 مسرحية و18 عملا في فنون الكلمة و25 تركيبا شعريا من تلك الأعمال «جزائرنا»، «نجمة» و«زبانة». كما استفاد المسرح من عدة معارض خصصت له تناولت علاقته بالثورة والمقاومة، كما استمرت أكبر المواعيد المسرحية منها المهرجان الوطني للمسرح المحترف، ومهرجان مسرح الهواة بمستغانم وبرجمت هذه السنة عروض متنقلة عبر الولايات لفرقة جبهة التحرير. أكد الباحثون وأهل المسرح خلال لقاءاتهم المختلفة، على ضرورة أرشفة وتدوين ذاكرة المسرح الوطني، إلى جانب موعد آخر كان مع المهرجان الوطني الثامن للمسرح الجامعي بالشلف بمشاركة 13 فرقة، وفتح هذا المهرجان آفاقا ورؤى مسرحية جديدة تساهم في إقحام الطالب في عالم الخشبة ودعوته إلى ربط تفكير يجمعه بالمؤطرين المسرحيين. وحضرت الكتابة المسرحية في مشهد 2012 من خلال الفرصة التي فتحها المسرح الوطني لجلب الكتاب إلى التأليف المسرحي.
2012 توقع أكثر من ألف عنوان نشرت وزارة الثقافة خلال هذه السنة أكثر من ألف عنوان في مختلف المجالات والاختصاصات والآداب، بعضها سوّق في تظاهرة الصالون الدولي للكتاب الذي نظم من 20 إلى 29 سبتمبر الفارط، هذا الصالون لاقى إقبالا كبيرا وشهد برامج ثقافية متنوعة واستقبل مبدعين لامعين على المستوى الوطني والعالمي.
الموسيقى زينة الإبداع للموسيقى حضورها الدائم في أي برنامج سواء كان ظرفيا أو سنويا، لذلك برمجت العديد من الأنشطة منها فعاليات صيف الجزائر الموسيقي برياض الفتح ومسرح الهواء الطلق ونظمت حفلات بدون انقطاع، وبرمجت 9 حفلات كبرى بالجنوب الكبير (في عز الصيف)، كما برمجت فعاليات المهرجان الإفريقي للرقص الشعبي بتيزي وزو، الذي أصبح عرسا سنويا تزداد فيه المشاركة موسما بعد آخر، ونظمت كذلك قوافل الفنانين عبر الولايات ب 160 عرضا، ناهيك عن مهرجاني تيمڤاد وجميلة اللذين استضافا نجوم الأغنية العربية والعالمية. استمرت فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية في دورته الرابعة بمشاركة 23 دولة، وصاحبته محاضرات نشطها باحثون جزائريون وأجانب، علما أن المهرجان احتفل بخمسينية الاستقلال وبالصين باعتبارها ضيف شرف. مهرجانات أخرى كان منها مهرجان سماع للإنشاد والموسيقى الروحية في دورته الخامسة بقسنطينة والذي أصبح يميز عاصمة الشرق وتجاوزت شهرته الحدود، كذلك المهرجان الثقافي الأوربي بشعار «الحوار واكتشاف جميع التعابير الثقافية» بقاعة «ابن زيدون» حيث قدمت عروض 15 دولة في الجاز والبوب والروك والفلامينكو والبلوز والفادو وغيرها.
تكريمات لابد منها شهدت هذه السنة العديد من التكريمات، منها تكريمات خصصت للأجانب الذين ساندوا الثورة التحريرية من مثقفين وفنانين وحقوقيين وغيرهم، أما التكويمات الفنية فكانت لعمالقة الفن الجميل كدرياسة، وبناني والفرڤاني وجميلة ونوارة ويحياثن وسلوى وغيرهم ممن صنعوا مجد الموسيقى والأغنية الجزائرية. على العلوم، فإن سنة 2012 وإن لم تكن ثقيلة ثقافيا، لكنها حققت إنجازات تستحق الإشارة، منها مثلا بدء عملية تسجيل وتدوين الأغاني حول الثورة والمقاومة وإنجاز مجموعات مضغوطة، والعملية انطلقت في جويلية الفارط وتستمر إلى غاية جويلية 2013. كما صنفت العديد من المعالم التراثية والتاريخية بإشراف مديرية حفظ وترميم التراث الثقافي ومديرية الحماية القانونية للممتلكات الثقافية.