تحادث الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، أمس، بقصر الحكومة، مع نظيره المالي السيد ديانغو سيسيكو الذي حل بالجزائر في زيارة تدوم يومين، مخصصة لبحث مسائل التعاون الثنائي بين البلدين خاصة في مجال البنى التحتية والإدارة الإقليمية، وكذا التشاور حول المسائل الأمنية ودراسة الوضع المتردي القائم بمالي لاسيما في ظل التطورات الميدانية الأخيرة. وقد توسعت المحادثات الأولية التي جمعت المسؤولين إلى أعضاء وفدي البلدين، وحضرها عن الجانب الجزائري كل من وزير الخارجية السيد مراد مدلسي، وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني السيد عبد المالك قنايزية، وزير الأشغال العمومية السيد عمار غول، وزير الموارد المائية السيد حسين نسيب وكذا الوزير المنتدب الكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل، فيما ضم الوفد المالي كلا من وزير الإدارة الإقليمية السيد موسى سيكو كوليبالي ووزير التجهيز والنقل السيد عبد اللاي كوماري، علاوة على مسؤولين مدنيين وعسكريين. ومن المنتظر حسب برنامج زيارة الوزير الأول المالي أن يحظى هذا الأخير بعد ظهر اليوم باستقبال من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، للتباحث حول قضايا التعاون المشترك، وتبادل وجهات النظر حول تطورات الأزمة في مالي وخاصة بمناطق الشمال، بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة إثر هجوم المجموعات المسلحة على مدينة "كونا" القريبة من مدينة "موبتي" التي تتوسط البلد. وكان بيان لمصالح الوزير الأول قد أوضح أن هذه الزيارة التي تندرج في إطار المشاورات السياسية المنتظمة بين البلدين ستسمح باستعراض حالة التعاون الثنائي وآفاق تعزيزه وتوسيعه، وتشكل فرصة للطرفين لتبادل معمق لوجهات النظر حول الوضع في شمال مالي والجهود الجارية لتسوية الأزمة المتعددة الأبعاد التي يواجهها هذا البلد. كما أشار البيان إلى أن الطرفين سيبحثان خلال الزيارة سبل وإمكانيات تعزيز التعاون بين بلدان الميدان والشركاء غير الإقليميين للقضاء على الإرهاب والجريمة المنظمة اللذين يشكلان تهديدا للاستقرار والأمن في منطقة الساحل. ويشهد شمال مالي، منذ شهر مارس الماضي، حيث تم تنفيذ الانقلاب ضد الرئيس أمادو تومانى تورى سيطرة الجماعات المسلحة ومنها على وجه الخصوص تنظيما "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و«حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا"، اللذين استغلا تردي الوضع الأمني والمؤسساتي في هذا البلد، كما تنشط في هذه المنطقة مجموعتان أخريان وهما "الحركة الوطنية لتحرير الأزواد" و«حركة أنصار الدين"، غير أن هاتين المجموعتين أعلنتا رفضهما للإرهاب واحترامهما للوحدة الترابية للبلاد ودخلتا في مفاوضات سياسية مع السلطة الانتقالية في مالي، قبل أن تتسارع الأحداث بفعل هجوم التنظيمات الإرهابية على "كونا" يوم الخميس المنصرم، ما أدى إلى تأجيل لقاء الحوار الذي كان مقررا بين الأطراف المعنية بالعاصمة البوركينابية "واغاداغو". وقد أعربت الجزائر، أول أمس، عن انشغالها الكبير إزاء آخر التطورات الحاصلة بمالي وأدانت بقوة الهجمات التي نفذتها الجماعات الإرهابية في منطقة "موبتي"، مجددة دعمها الصريح للسلطات المالية الانتقالية. واعتبرت التدخل الأجنبي في مالي بمشاركة القوات النيجيرية والسينغالية والفرنسية إلى جانب الجيش المالي قرارا سياديا لمالي الذي طلب مساعدة من هذه القوات. كما أكدت في نفس السياق بأنها تدرج عملها ضمن استمرارية وانسجام وشمولية اللائحة 2085 لمجلس الأمن الصادرة في 21 ديسمبر الماضي، وفي إطار احترام تنفيذها من أجل التكفل بالأبعاد السياسية والإنسانية والأمنية للأزمة المالية. وسبق للجزائر أن أكدت مرارا بأن حل الأزمة في مالي يجب أن يأتي من الماليين أنفسهم عبر وسيلة الحوار، وحذرت رفقة العديد من الدول من الانعكاسات الخطيرة التي قد تنجر عن التدخل العسكري في مالي، داعية إلى تفضيل الحل التفاوضي للنزاع في المنطقة، حفاظا على السلامة الترابية لهذا البلد ووحدته الوطنية في إطار حوار توافقي.