الجزائر - أدت التطورات المتسارعة في شمال مالي في اعقاب تقدم الجماعات المسلحة وسط البلاد وعزمهم على الوصول إلى الجنوب إلى الدعوة للتعجيل بنشر البعثة الدولية فيما تتحرك الجهود الدبلوماسية الدولية والاقليمية في محاولة لاحتواء الوضع ووضع حد للجماعات المسلحة التي تسيطر على الشمال منذ تسعة أشهر. ودعا مجلس الأمن الدولي و بعد مشاورات مغلقة الليلة الماضية إلى نشر بعثة دولية بقيادة افريقية في مالي بشكل "عاجل" لقطع الطريق "أمام تقدم الجماعات المسلحة باتجاه جنوب مالي على أعقاب تجدد المواجهات بينها وبين الجيش النظامي و سيطرتها على مدينة "كونا" التي تبعد ب50 كلم عن "موبتي" كبرى مدن وسط مالي . و في بيان لمجلس الأمن أعرب أعضاؤه عن عزمهم على السعي للتطبيق" الكامل" لقراراته حول مالي وخاصة القرار الرقم 2085 بكل أبعاده وفي هذا الإطار داعى أعضاء المجلس إلى النشر "العاجل" لبعثة الدعم الدولية بقيادة افريقية في مالي. كما دعا أعضاء مجلس الأمن إلى وضع خارطة طريق سياسية متفق عليها تتضمن إجراء مفاوضات "جادة" مع الأطراف المالية غير المتطرفة في الشمال وتؤكد على الاستعادة الكاملة للحكم الديمقراطي. وفي خضم هذه التطوارات المتسارعة في المشهد المالي تتضاعف الجهود السياسية و الدبلوماسية لاحتواء الوضع في مالي حيث سيجري الوزير الأول السيد ديانغو سيسيكو زيارة عمل للجزائر يومي الأحد و الاثنين المقبلين بدعوة من نظيره الجزائري السيد عبد المالك سلال. و حسب بيان أصدرته رئاسة الحكومة فان " الطرفين سيبحثان في نفس السياق سبل وامكانيات تعزيز التعاون بين بلدان الميدان والشركاء غير الاقليميين للقضاء على الارهاب و الجريمة المنظمة اللذين يشكلان تهديدا للاستقرار و الامن في منطقة الساحل". و ستكون زيارة سيسكو " فرصة للطرفين لتبادل معمق لوجهات النظر حول الوضع في شمال مالي و الجهود الجارية لتسوية الازمة المتعددة الابعاد التي يواجهها هذا البلد" حسب البيان. و من جانب اخر ينتظر أن يصل رئيس مالي الانتقالي دياكوندا تراوريه يوم الأربعاء المقبل إلى العاصمة الفرنسية باريس للقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. ونقلت وسائل اعلامية عن مصدر دبلوماسي فرنسي قوله أن "الرئيس المالي سيقوم بزيارة باريس هذا الأسبوع بعدما طلب منها دعم بلاده عسكريا لصد المتمردين الذين يسيطرون على شمال البلاد". و اثار الوضع الامني المتوتر الذي تشهد مالي ردود افعال اقليمية ودولية مستنكرة تجدد القتال بين الاطراف المتنازعة في مالي حيث ادان الاتحاد الافريقي قي بيان اصدرته رئيسة مفوضية الاتحاد السيدة انكوسازانا دلاميني زوما الهجمات الجديدة التي شنتها الجماعات المسلحة في شمال مالي مؤخرا. وقالت زوما في بيان أصدره الاتحاد الافريقي ان "هناك مشاورات جارية بين الاتحاد الافريقي والتجمع الاقتصادي لغرب افريقيا (الايكواس) لتحديد أفضل السبل للتعجيل بنشر بعثة الدعم الدولية في مالي والتي أجازها مجلس الأمن الدولي وكذلك عقد مؤتمر المانحين لحشد الاسهامات المطلوبة لانشاء صندوق الائتمان لمساعدة بعثة الدعم الدولية وقوة الأمن والدفاع في مالي". ودعا وزير الخارجية البوريكينابي جبيرل باسولي الذي تتولى بلاده الوساطة في الازمة في مالي جميع الاطراف المتنازعة إلى وقف" تام" للاعمال العدائية معربا عن قناعته بان الحوار "يمكن ان يتطور ويثمر اذا وفر المتنازعون جوا من الثقة والهدوء" معلنا عن ارجاء المفاوضات بين الاطراف المالية التي كانت مقررة امس إلى 21 جانفي الجاري بواغادوغو". و من جهتها عبرت الاممالمتحدة باسم المتحدث باسمها مارتين نيسيركي عن انشغال الهيئة الاممية حيال معلومات تتحدث عن تحركات عسكرية لجماعات مسلحة متمردة حول خط الجبهة في شمال مالي. و أعلنت فرنسا على لسان رئيسها فرنسوا هولاند أنها "ستستجيب لطلب مالي من أجل المساعدة العسكرية لدعمها في صد الهجوم الذي تقوم به جماعات متمردة ولكن في إطار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة". و اعتبرت الخارجية الفرنسية ان الاحداث الاخيرة في مالي تبرز "ضرورة العمل على انتشار سريع للقوة الافريقية في مالي". و أوضحت كاترين اشتون وزير خارجية الاتحاد الاوروبي ان التخطيط للبعثة الاوروبي لتدريب و تقديم المشورة للجيش المالي" مستمر كما هو مقرر له تماما" مشددة على ان هذه التطورات الامنية الاخيرة " تعزز اهمية التحرك العاجل ". وكانت المواجهات قد تجددت أمس في منطقة (موبتي) وسط مالي بين الجيش والجماعات المسلحة التي تحتل شمال البلاد غداة تبادل إطلاق النار بالأسلحة الثقيلة في المنطقة نفسها وفقا لما أكدته مصادرعسكرية. و تمكن المتمردون من طرد القوات الحكومية من بلدة "كونا" الاستراتيجية امس في أعنف معارك منذ سيطرة الجماعات المسلحة على شمال البلاد في مارس الماضي. ويمثل سقوط كونا التي تقع على بعد نحو 600 كلم شمال شرق العاصمة باماكو "خسارة كبيرة "ل لقوات الحكومية التي قالت في وقت سابق أنها تحقق "تقدما" في القتال ضد تحالف المتمردين. و تعتبر هذه المواجهات الجديدة الاولى بين الجيش النظامي والجماعات المسلحة منذ اقرار اللائحة 2085 من طرف مجلس الأمن والتي فوضت التدخل العسكري في مالي بالتزامن مع الحل السياسي لاستعادة شماله من أيدي الجماعات المسلحة.