ألقت السلطات الفرنسية بكل ثقلها الدبلوماسي للخروج من ورطتها في مالي وحتى لا تجد نفسها وحيدة في مواجهة وضع أثار حفيظة حلفائها الآخرين الذين بقوا أسبوعا بعد بدء تدخلها العسكري في موقع المتفرج. ولأجل ذلك يصل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، اليوم، إلى العاصمة الإيفوارية أبيدجان للمشاركة في أشغال القمة الطارئة لرؤوساء الدول الخمسة عشر الأعضاء في منظمة غرب إفريقيا ”إيكواس” الذين سيبحثون آخر اللمسات لمساعدة فرنسا في عملية التدخل ضد التنظيمات الإرهابية في شمال مالي. ويعقد رؤساء هذه الدول قمتهم بعد أن وجدوا صعوبات كبيرة في تجسيد بنود اتفاق قمة أبوجا نهاية العام الماضي لوضع الآليات لإرسال قوة التدخل الإفريقية التي قرروا تشكيلها من 3300 شخص. وهو ما جعل وزير الخارجية الفرنسي ينتقل إلى أبيدجان لتسريع تجسيد هذه المشاركة من خلال الزج بقوة ”ميسما” الدولية الإفريقية في المستنقع المالي وعدم ترك القوات الفرنسية لوحدها في مواجهة مقاتلي مختلف التنظيمات الإرهابية التي اتخذت من مناطق شمال مالي معاقل لها. ولأجل ذلك رافق مسؤول عسكري سام فرنسي وزير الخارجية لوران فابيوس الذي أكد أنه سيحاول ”الإسراع في وضع قوة البعثة الدولية في مالي”. ويبدو أن الدول الإفريقية التي قبلت الخوض في هذا التدخل والتزمت بإرسال قوات عنها إلى مالي وجدت صعوبات في ذلك، خاصة من حيث جاهزية وحداتها ووسائل نقلهم، مما استدعى تدخلا فرنسيا مباشرا لإنهاء المشاكل اللوجيستية وهو ما يفسر وصول حوالي مائة عسكري طوغولي ونيجيري فقط من إجمالي تعداد القوة الإفريقية التي ينتظر وصولها إلى ساحة المواجهة العسكرية.وفي انتظار ذلك، اضطرت قيادة الجيش الفرنسي إلى ملء هذا الفراغ بإرسال 1400 عسكري من وحداتها المقاتلة إلى مالي في انتظار وصول الوحدات الأخرى التي تقرر إرسالها والمقدر عددها بحوالي 2500 رجل. ووقع التغير في الخطة العسكرية الفرنسية بعد أن قررت باريس من جانب واحد التعجيل بالتدخل العسكري في مالي حتى قبل حصولها على الترخيص القانوني لذلك من الأممالمتحدة وهي التي كانت تأمل في الاكتفاء بتقديم دعم استعلاماتي ولوجيستي وتدريب وحدات الجيش المالي بينما توكل المهمة القتالية للقوات الإفريقية ضمن بعثة القوات الدولية إلى مالي المعروفة اختصارا باسم ”ميسما”. وفي السياق، أكدت مصادر الجيش المالي، أمس، استعادة مدينة كونا (وسط البلاد) من سيطرة إرهابيي حركة أنصار الدين والتنظيمات المسلحة المتطرفة الداعمة لها بعد أزيد من أسبوع بعد سقوطها. وذكر الجيش المالي في بيان أصدره، أمس، أن وحداته تمكنت من إلحاق خسائر بشرية كبيرة بعناصر هذه التنظيمات دون أن يحدد عددهم واكتفى بالقول ”كبدنا العدو خسائر كبيرة”. وأكد شهود عيان أن المدينة ومشارفها شهدت نهاية الأسبوع معارك قوية بين مقاتلي حركة أنصار الدين الإرهابية والقوات المالية المدعومة بوحدات فرنسية استخدمت فيها الطائرات الحربية التي قصفت المدينة وبعض الواقع فيها حتى تتمكن من دخول مدينة كونا التي كان احتلالها في العاشر جانفي الجاري من طرف المتطرفين سببا في بدء التدخل العسكري الفرنسي هناك.