في حوار شيق جمع “المساء” مع أحد عمالقة الفن والتمثيل الجزائري، محمد عجايمي، سلطنا الضوء على ظاهرة تدني مستوى المسلسلات الدرامية في الجزائر، حيث أكد عجايمي أن انعدام التخصص والمحسوبية، إضافة إلى بعض الدخلاء على المهنة وراء هذا لتدني، مشيرا إلى أن القطاع الخاص كرس هو الآخر رداءة المنتوج الثقافي، مشددا على ضرورة توفير ا الجو اللائق للشخصيات الفنية والاهتمام بمجال الإبداع لأن ثقافة كل شعب هي همته. لماذا تنحصر المسلسلات الجزائرية على شهر رمضان في الغالب؟ كما تعلمين ويعلم القارئ الكريم، الإنتاج البصري يتطلب مدة انجاز طويلة، فالمسلسل التلفزيوني يستلزم شهورا عديدة من العمل والتحضير والتوجيهات، فهو يمر بدءا بمحرحلة التصوير الى التركيب التجريبي ثم التركيب الصحيح وبعدها المزج فالموسيقى التصويرية، والشارة الى ان يخرج المسلسل في صفته النهائية ليبث للمشاهد الكريم.
لماذا أصبحت المسلسلات الجزائرية لا تؤثر في المشاهد ولا يتفاعل معها؟ كانت المسلسلات الجزائرية في عهد مضى ليس ببعيد، تقدم للمشاهد بطريقة عالية المستوى، فالمتلقي كان يستمتع بكل ما يشاهد من حلقات وكان الموضوع يحمل بين طياتة رسالة نبيلة ومفيدة للمشاهد. والسبب وراء تدني المستوى مع الدخلاء الذين عبثوا بالدراما الجزائرية التي طرأ عليها الكثير من التشويهات خلال السنوات الاخيرة على مستويات مختلفة من أشباه المخرجين الى أشباه الممثلين وأشباه التقنيين وهلم جرا، فالمسؤولية يتحملها بعض المسؤولين الدخلاء على الميدان الفني، والممثل الكفؤ لا يتحمل هذه المسؤولية لأن الكبير يبقى كبيرا.
هناك من يؤكد على أن المحسوبية هي سبب تدني المسلسلات، ما هو تعليقك؟ مع الأسف المحسوبية تفشت في مجتمعنا ولا يزيلها إلا الله وحده ثم الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، والتدني ليس فقط على المستوى الفني ولكن في كثير من المجالات وخاصة الحساسة منها.
ما رأيكم في مستوى المسلسلات من ناحية الإنتاج؟ أصحاب القطاع الخاص كرسوا هم أيضا الرداءة لأنهم ببساطة ليسوا مؤهلين لأي نوع من الإنتاج الفني أو الإبداعي، ونحن بحاجة ماسة إلى سياسة ثقافية محضة وهادفة للنهوض بمستوى المسلسلات، كالإبداع في مختلف الهيئات المتعلقة بالانتاج، والثقافة هي التي تنمي مستوى الوعي لدى الشعوب، فإذا غابت من أين لهذا الشعب أن يكتسب ثقافة الإبداع أو المحافظة على المكتسبات الوطنية وتطويرها.
ولماذا لم يتوحد الفنانون في نقابة خاصة بهم قصد ضمان حقوقهم؟ نحن نخبة اجتهدنا لإنشاء نقابة تحمي شريحة المبدعين، وكشف الدخلاء على هذه المهن تتنوع تخصصاتها من الإخراج إلى التمثيل والغناء والحركات التعبيرية التي تحولت الى هز للبطون ليس إلا، لكن للأسف أرادوا أن تكون النقابة تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، فاضطررنا للاستقالة منها.
هل تستعمل التكنولوجية الرقمية في مجال إنتاج المسلسلات؟ أنا لست متشائما على الإطلاق فيما يخص هذا الشأن، فلنا أكفاء متخرجون من معاهد متخصصة في هذا المجال، كما لنا تقنيون في ميدان استعمال التكنولوجيات الرقمية الحديثة ولا أشك في قدراتهم سواء بالنسبة لهذا المجال أو ذلك، فهم يتجهون نحو آفاق مختلفة تسودها الاختراعات التكنولوجية والأسس العلمية، وستحمل إن شاء الله معالم إيجابية ومهمة، فهم يتطورون شيئا فشيئا.
باعتباركم عملاقا من عمالقة الفن والتمثيل، ما هي الحلول المعتبرة للنهوض بمستوى المسلسلات الجزائرية، خصوصا والفن عموما؟ الاهتمام وتوفير المناخ المناسب واللائق للشخصيات في مجال الإبداع الثقافي والفني، نحن نعيش المرارة أشد من “نوار الفلة”، لأن واقع الإبداع في بلادنا يدمي الفؤاد، فكل الموازين انقلبت رأسا على عقب في ظل غياب استراتيجة واضحة تسير هذا القطاع الحساس.