قد نكذب على أنفسنا إذا قلنا بأن التجاوب مع الحملات التحسيسية لترقية البيئة وحمايتها من التدهور التي تنظم هنا وهناك، قد تحققت الاهداف المتوخاة من تنظيمها، أو هي لقيت مساهمة واسعة أولفتت انتباه المواطن أو جندت فئات واسعة من مختلف الشرائح، حيث يبين الواقع الذي ارتسم على الارض، خاصة في الاحياء الكبيرة بالعاصمة، أن اللامبالاة كانت دوما العنوان الابرز الذي يلخص السلوك السلبي للمواطنين، وحتى الهيئات التي تحمل على عاتقها مسؤولية التحسيس والتوعية، يغيب الحس عند الكثير من أعوانها الذين ربما يتأثرون سلبا بمحيطهم وبعدم تجاوب المواطنين مع هذه الحملات. والاكثر من ذلك أن عمليات تطهير الشوارع التي تنظم من حين إلى آخر، في إطار ترقية البيئة، كثيرا ما تقتصر في المدن الكبرى على الشوارع الرئيسية دون غيرها في مشاهد بروتوكولية. وهذا في وقت تترك بقية الشوارع الثانوية البعيدة عن انظار المشرفين عن العملية، خارج مجال التغطية، وكأن أمر البيئة قد سقط من برامج نشاطهم، وإذا حدث وبرمجت بعض هذه الاحياء أوالشوارع، فإن ما يسجل من سلوكات غير مسؤولة من بعض الاعوان الملكفين بجمع الاتربة والاكياس وبقايا الردوم المنتشرة هناك وهناك، يوحي بأن عمليات التحسيس تحتاج إلى رسكلة هؤلاء الأعوان حتى لا يخرجوا بدورهم عن النص وحتى يكون أداؤهم محفزا لغيرهم، خاصة فئة المواطنين المستهدفين من مثل هذه العمليات. وعليه يبقى على المشرفين على مثل هذه الحملات، أن يسهروا على توعية وتحسيس بعض الاعوان ليكونوا قدوة للمواطن وعلى المسؤولين وأصحاب الورشة عامة أو خاصة، أن يكونوا في مقدمة الركب وإلا يقتصر ظهورهم أمام عدسات المصورين والكاميرات، لأن الإرتقاء بمثل هذه المبادرات ذات الأبعاد التضامنية، يتطلب انصهار الجميع في بوتقة واحدة، كما أن نجاحها يتطلب عملا متواصلا من أجل الوصول إلى تغيير العقليات.