إشكالية اللغة ودروب المعرفة، هل تستطيع اللغة العربية السير في الطريق المعرفي العام وعلى شكله السريع والمحفوف بالخوف والأمل أم ستظل تراوح مكانها بمجتمعها تستهلك المعرفة دون أن تساهم في انتاجها ونتاجها؟· هذا الموضوع هو الذي تناولته الندوة الدولية واستهله الدكتور محمد ولد خليفة، بكلمة استبيانية أوضح من خلالها بعض العلامات التي لا ينبغي السير بدونها ومن هذه العلامات الرصيد الثقافي والحضاري· مشيرا إلى مساهمة الوطن العربي والإسلامي في تقدم العلوم والآداب والفنون الجميلة وأثرى المعرفة الإنسانية بمقاييس ذلك الزمان باللسان العربي المبين·· إلا أن المراحل الصعبة التي مر بها العالم الإسلامي والعربي ومن ضمنه الجزائر عطل عجلة التطور في مجتمعاتنا، وهذا ما جعل الدكتور ولد خليفة يتساءل عن كيفية تدارك الجزائر والبلدان العربية ما فات وتُعد العدّة لما هو آت في هذا القرن الجديد؟ ومن خلال هذا السؤال يطرح الدكتور ولد خليفة، إشكالية منظومة التعليم والتكوين والبحث في أداء وظائفها في إعداد الرأس المال البشري وهل وضعت الدول العربية استراتيجيات مشتركة لنقل العلوم والتكنولوجيات الحديثة، هذه الأسئلة وغيرها هي من بين مفاصل هذه الندوة التي تعاقب على تحليلها وتشخيصها و إن صح التعبير وصفها الأساتذة الذين تعاقبوا على منبر هذه الندوة ومنهم الدكتور محمد برقوق الذي كان تدخله المعنون ب "مجتمع المعرفة مقاربة استيمولوجية في ظل تعقيدات ما بعد الحداثة"، واستعرض على الحاضرين التجربة الماليزية التي 70 % من لغتها عربية وكيف استطاعت بلغتها هذه أن تحتل المرتبة السابعة عشر عالميا· أما الدكتور حسن حنفي من جمهورية مصر فقد فضّل وصف الراهن المجتمعاتي العربي من الداخل وتعامله مع التطور الحاصل من الخارج، مؤكدا عدم جدوية الحاسوب في الجامعات والكليات إذا انعدم منها الكتاب، حيث الفرد لا يبني بجهده أو يحوز المعرفة بل يجدها جاهزة وهذا ما لم توافقه فيه الدكتورة إنعام بيوض في فترة المناقشة والتعقيب مثمنة في الحاسوب ربح الوقت وتوفيره للطالب والباحث· أما الدكتور شوقي جلال فقد اقترح على الحضور موضوع: "مجتمع المعرفة والخصوصيات الثقافية والحضارية هل من تعارض؟"، مستشهدا بأقوال الفلاسفة وبالنظريات المستجدة، التي تثمن عصر المعلومات، ويؤكد الدكتور شوقي جلال أن مجتمع المعرفة يشير إلى نشوء أزمة انتقالية تفرغ مفاهيم ومؤسسات حقبة الصناعة من المعنى والوظيفة اللتين كانتا المبرر لوجودها من ذلك مثلا الطبقة والتمثيل النيابي والبرلماني والسلطة والدولة، الأمة، إذ سنكون بصدد تكوينات طبوغرافية من نوع جديد تتوزع فيها قوى وعلاقات المجتمع وفق أسس ومعايير ومبادئ ودلالات وظيفية جديدة"· وقد أختتمت الجلسة الصباحية التي ترأسها الأستاذ الدكتور بومدين بوزيد بمناقشات ومداخلات تميز البعض منها بالشكليات دون أن يلمس عصارة المضمون· أما الجلسة المسائية فقد شهدت تدخل الأستاذ بوزيد بومدين ب" الهوية والقيم الرمزية في مجتمع المعرفة" الأستاذ هاني نسيرة "من إشكاليات اللغة إلى إشكاليات الوعي" الأستاذة إنعام بيوض "استراتيجية المعهد العالي العربي للترجمة في مجال إدخال تكنولوجيا الترجمة· وستُختتم الندوة مساء اليوم بمائدة مستديرة يتم خلالها مناقشة أهم القضايا التي تتضمنها "المعرفة في الوطن العربي: الراهن والآفاق. *