رغم ما قيل ويقال عن فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، إلا أن وسائل الإعلام الوطنية بصفة عامة والمكتوبة منها بصفة خاصة. كانت في تلك الفترة ملتزمة، إلى حد ما، بأخلاقيات المهنة، وحريصة على تقديم مادة إعلامية جادة، مستمدة من الوظيفة الأساسية للإعلام وهي الإعلام والتوعية والتثقيف والترفيه، إلا أنه في ظل التعددية والانفتاح يفترض أن يزداد ثقل مسؤولية الصحافي، لأن الحرية مسؤولية والكلمة أمانة، وحدها أمضى من السيف. بناء الديمقراطية، وتحقيق التنمية المستدامة التي تساهم في استتاب الأمن واستقرار المجتمع ودفع عجلة الاقتصاد، وإتاحة الفرص للطاقات البشرية، تتطلب جهازا إعلاميا يتحمل فيه الصحافي -كما قال وزير الاتصال السيد محمد السعيد- ”مسؤوليته في التوعية ومرافقة الجهد التنموي وتنوير الرأي العام الوطني بخطورة ما يجري حولنا وأن يساهم في تنوير الحكومة بنقائصها بشكل موضوعي وهادئ ودون تهويل، وكذا متابعة عملية التنمية الجارية في البلاد والتوعية بأهمية الإنجازات”. فالتركيز على السلبيات والمبالغة في تضخيمها، والاهتمام بالجريمة وكسر الطابوهات، والعنف في المدارس والملاعب زادت في حدة انتشار هذه الظواهر. إلى درجة أنها أصبحت تشكل خطرا على المجتمع. بدل أن تساهم في الحد منها والتوعية بمخاطرها. هذه المادة الإعلامية ساهمت في اهتزاز الثقة بين المواطن والأشخاص الذين انتخبهم للمجالس المحلية أو الولائية أو التشريعية، وكذا أجهزة الدولة، وشوشت على ذهينة المواطن وسلبت منه حكمته وتعقله، وأفقدته صبره، وجعلت منه معول هدم لا معول بناء، فكم من مقابلات رياضية أعقبتها اعتداءات على الأملاك العمومية والخاصة؟ والأمثلة كثيرة، والمواطن يعيشها يوميا، فرفقا بالمواطن والوطن.