أعرب رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية، السيد كلود بارتولون، أول أمس، بالجزائر العاصمة، عن "ثقته" بخصوص "العهد الجديد" الذي بدأ في العلاقات الجزائرية الفرنسية. قائلا في هذا الصدد "إننا نعود واثقين لأننا نعرف بأن هذه الزيارة للبرلمانيين الفرنسيين ستتبع بعدة زيارات أخرى من أجل التوصل إلى تعزيز هذه الدبلوماسية البرلمانية التي تعد إضافة ضرورية للدبلوماسية الموجودة بين الرئيسين (بوتفليقة وهولاند) والحكومتين". وعبر السيد بارتولون للصحافة عقب اللقاء الذي خصه به رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة عن ارتياحه لكونه حظي بلقاء ودي وأخوي مع رئيس الدولة الذي -كما قال- "سمح لنا بالتطرق لنتائج الزيارة التي قام بها الرئيس هولاند إلى الجزائر" في شهر ديسمبر الاخير. وتابع يقول إن هذه الزيارة "قد سمحت لنا كذلك بتبادل وجهات النظر حول المسائل الدولية وتلك التي تخص شمال إفريقيا ومالي وكذا العلاقات التي ينبغي أن تقوم بشكل إنساني" بين المسوؤلين السياسيين الجزائريين ونظرائهم الفرنسيين. وأبرز في هذا الخصوص "إنها مناسبة يتعذر على البرلمانيين الفرنسيين نسيانها بالنظر إلى القناعات الراسخة للرئيس بوتفليقة وعبارات الود والصداقة التي أظهرها لنا". وقد جرى اللقاء بإقامة جنان المفتي بحضور رئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة ووزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي. كماقام رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية الذي اختتم زيارته أول أمس للجزائر بزيارة القصبة. وتجول السيد بارتولون رفقة اعضاء الوفد المرافق له عبر أزقة القصبة لينتقل به التاريخ إلى الرموز المعمارية التي تطبع هندسة هذه المدينة ذات التراث القديم. وشرع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية زيارته للمدينة العتيقة بالتوجه إلى "القلعة" المبنية في القرن الخامس عشر في أعالي القصبة "أعالي الجبل" كما يحلو لسكانها أن يسموها بدءا بباب جديد ثم نزولا باتجاه القصبة السفلى ليصل به المطاف إلى أسفل القصبة وبالذات على مستوى مسجد "كتشاوة". وقد أعجب السيد بارتولون أيما إعجاب بالهندسة المعمارية التي صممت بها "الدويرات" وهي عبارة عن بيوت ذات طابق واحد يتوسطها ما يشبه الفناء وبجانبه البئر الذي لا تخلو منه دار من دويرات الحي وهو يتجول من سيدي رمضان إلى سيدي حميدوش قبل أن يكتشف الثروات التي تميز التراث الثقافي لهذا الحي التاريخي وبالضبط "دار خداوج العمياء" (أميرة تعود إلى العهد العثماني فقدت بصرها لكثرة نظرها إلى المرآة) لتتحول منذ 1989 إلى متحف وطني للفنون التقليدية الشعبية. وراح السيد بارتولون يتبادل اطراف الحديث مع بعض سكان هذا الحي ودخل عددا من الدكاكين ليري بأم عينيه بعض الاعمال الصناعية التقليدية التي لاتزال حية هناك بينما في أماكن اخرى قضى عليها النسيان.
بارتولون يتذوق "الكرنتيطة" قبل أن يغادر هذا الحي العزيز على مواطني القصبة وهي التي احتضنت "معركة الجزائر" التاريخية الشهيرة، أبى ضيف الجزائر إلا أن تصحبه لذة "الكرنتيطة" (عبارة عن أكلة مصنوعة بمسحوق الحمص) عليها شيئ من الملح والكمون والفلفل الاسود. وجرت زيارة رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية لمدينة القصبة في جو ملؤه البشاشة والبساطة ورافقه فيها فريد فطوش الاخصائي في علم الاثار والمهندس المعماري ومحافظ التراث الثقافي. وأبرز هذا الاخير في شروحاته للوفد البرلماني الفرنسي الجهود التي ما فتئت الدولة الجزائرية تبذلها لاحياء أجزاء كاملة من الحي العتيق من قصور ودويرات المدينة التي صنفت في 1992 ضمن التراث العالمي من قبل اليونسكو. يذكر أن زيارة المسؤول الفرنسي جاءت بدعوة من رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد العربي ولد خليفة. وقد استقبل السيد بارتولون خلال هذه زيارته من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. كما تندرج زيارة رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية للجزائر في إطار انعقاد الدورة الاولى لاشغال اللجنة البرلمانية الكبرى الجزائرية-الفرنسية.