شهدت العاصمة العراقية بغداد والعديد من محافظات البلاد، أمس، تنظيم مظاهرات ومسيرات احتجاجية شارك فيها آلاف العراقيين، جددوا خلالها التأكيد على مطالبهم بإحداث إصلاحات سياسية جذرية وإسقاط الحكومة الحالية. وخرج آلاف المتظاهرين إلى شوارع محافظات نينوى والأنبار وديالي وصلاح الدين وكركوك بالإضافة إلى العاصمة بغداد، في مسيرات احتجاجية رفعوا خلالها شعارات ضد الفساد المستفحل وأخرى مطالبة برحيل الوزير الأول نوري المالكي، الذي حملوه مسؤولية الأوضاع المأساوية في البلاد. ولأول مرة أدى العراقيون شيعة وسنة صلاة الجمعة موحدة، تأكيدا على أن مطالبهم واحدة وأن الأمر لا علاقة له بأي انتماء طائفي أو ديني، وإنما هي مطالب سياسية واقتصادية فرضتها الأوضاع التي آل إليها العراق عشر سنوات بعد احتلالها من طرف القوات الأمريكية. ولتأكيد وحدة مطالبهم، رفع المتظاهرون شعار "جمعة الإمام الأعظم" في إشارة إلى الإمام أبي حنيفة النعمان واضع المذهب الحنفي، حيث ألقيت خلالها كلمات ألح فيها الخطباء "الإسراع بتلبية مطالب المتظاهرين أو إسقاط الحكومة وصياغة دستور جديد للبلاد. ويمر العراق منذ عدة أشهر بأزمة سياسية حادة نتيجة الخلافات بين الكتل السياسية المشكلة للحكومة العراقية، تخللتها مسيرات ومظاهرات حاشدة شهدتها مختلف المدن والمحافظات بوسط وغرب وشمال العراق، مطالبة بإسقاط الحكومة ووقف العمل بالدستور العراقي الحالي. ويعيش العراق حالة انسداد تام في أعلى هرم السلطة، بسبب الأزمة السياسية التي اندلعت قبل عدة أشهر، على خلفية محاكمة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المسحوب على الطائفة السنية، والذي رأت فيه هذه الأخيرة أن الوزير الأول نوري المالكي استهدفه على خلفية صراع طائفي حاد قد يؤدي إلى تقسيم البلاد . وتأتي هذه التطورات في وقت حلت فيه الذكرى العاشرة للاجتياح الأمريكي للعراق ودخول القوات الأمريكية إلى بغداد والإطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين. ويتذكر الجميع، تصريحات الرئيس جورج بوش عندما أكد أنه جاء إلى العراق من أجل أن يتنفس على ضفاف دجلة والفرات نسمات الحرية والديمقراطية بعد سقوط الديكتاتور، في إشارة إلى الرئيس المعدوم صدام حسين. ولكن ذلك لم يكن سوى تصريح لذر الرماد، إذا أخذنا بعين الاعتبار المآل الذي بلغه العراق طيلة العشرية الأخيرة وبلغ عتبة الحرب الأهلية على خلفية طائفية. كما أن العراقيين ما انفكوا يؤكدون أنهم خرجوا من ديكتاتورية، ليجدوا أنفسهم في ظل ديكتاتورية أشد وقعا زادتها صعوبة الحصول على لقمة العيش والأزمة الاقتصادية والخوف من الآخر تأزما أكبر.