ترعى هيئة ترقية الصحة وتطوير البحث مبادرة تنظيم أيام تحسيسية بمختلف جهات الوطن خلال السنة الجارية، حول برنامج كفالة اليتيم. وأكد البروفسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة، نجاح البرنامج منذ إقراره شهر جوان 2010، في استمالة أنظار الفاعلين نحو كفالة اليتيم عن بعد، وهو ما تؤكده الأرقام بشأن كفالة 6 آلاف طفل يتيم، ومن المنتظر أن يرتفع العدد إلى حدود 10 آلاف بنهاية 2013.. يشكل تخليد اليوم الوطني لليتيم الذي يُحتفى به في 31 مارس من كل سنة، مناسبة للوقوف على الأوضاع الاجتماعية التي تعيشها هذه الفئة، وعلى طبيعة الأنشطة والبرامج المخصَّصة لها، كما يُعتبر محطة هامة لإشاعة وتعزيز ثقافة التكافل الاجتماعي، وفرصة متميزة للفت انتباه المجتمع إلى الواقع الذي تعيشه هذه الشريحة، وتذكيره بفضل التكفل باليتامى. وعلى هامش إحياء هذا اليوم الذي نظمته هيئة ترقية الصحة وتطوير البحث مؤخرا بقصر المعارض، حملت «المساء» تساؤلا مفاده: هل ثقافة كفالة اليتيم مُشاعة وسط الأسرة الجزائرية؟ كان هذا انطلاقا من تأكيد الملاحظين نقص هذه الثقافة بالمجتمع الجزائري، لأسباب كثيرة تحصر بعضها السيدة أم عماد، في كونها مسؤولية كبيرة، تقول: «على الأسرة الراغبة في كفالة يتيم أن تعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها عند إقرارها بذلك، سواء من الناحية المادية أو من حيث التربية والتعليم وغيرهما، فأغلب الأسر الجزائرية محدودة الدخل، وبالنظر إلى المصاريف الأسرية الكثيرة والمتزايدة فإن أمر التكفل بفرد آخر سيؤثر كثيرا على ذات الدخل». وتقترح المتحدثة أن يتم إنشاء مراكز للأيتام على الأقل في كل ولاية، حتى يتمكن الأفراد من تقديم إعانات مالية لإداراتها متى كان ذلك ممكنا، مؤكدة عدم معرفتها عن إمكانية كفالة يتيم عن بعد، الذي أقرته الفورام قبيل سنوات. من جهته، يقول السيد عبد الرزاق إن «الأسرة الجزائرية لا تدرك إطلاقا قيمة اليتيم بسبب نقص التحسيس في هذا الإطار، وهنا لا بد أن تأخذ الجمعيات على عاتقها هذا الهدف وتقترب أكثر من الأسر التي تنشغل بمشاغل الدنيا المادية وتنسى إطلاقا هذا الأمر الذي أوصانا به ديننا، بل حتى التحسيس بهذا الأمر في المساجد ناقص تماما، فنحن بحاجة مستمرة لمن يذكّرنا ببعض واجباتنا تجاه بعض فئات المجتمع، مثل المسنين واليتامى، أنا شخصيا لا أمانع في كفالة يتيم ولكن كثرة الأوراق وبطء الإجراءات تعيقني عن ذلك». ويعتبر السيد قويدر أن أمر كفالة اليتيم غير معروف في مجتمعنا بالرغم من النصوص القرآنية الدالة على ذلك؛ «كفالة يتيم ليس أمرا محدودا في الزمن، لذلك فأنا لا أعترف بتخصيص يوم له بل 365 يوما في السنة، كما أني لا أعتقد أن هذا الأمر منوط بجهة دون الأخرى، وإنما لا بد من اتحاد جهود الحكومة والجمعيات ورجال المال والأعمال وحتى الأسر والأفراد والالتفاف حول هذه الفئة المحتاجة للدعم على مدار السنة». ويشير المتحدث إلى أنه قد ترعرع يتيما، ويدرك تماما احتياجات هذه الفئة، بل يؤكد أمر كفالة يتيم على نفقته، وقد أحضره يومها إلى الصالون الدولي للطفل، حيث التقتهما «المساء» والطفل يدعى سمير، وقد رافق أبناء السيد قويدر إلى المكان للتمتع بما قدّمه الصالون للأطفال من تسلية وألعاب. ويختم السيد قويدر حديثه إلينا بالتأكيد على أهمية كفالة اليتيم وجلبها للرزق والبركة في المال وصحة الأبدان، مستشهدا بآيات قرآنية وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام؛ «أوجّه رسالة لكل الأسر الجزائرية للتفكير الجدي في كفالة يتيم؛ لأنه بحاجة للرعاية بعد أن فقد حنان أسرته، فلا ندري كيف قد تنقلب الأحوال ويصبح الفرد بين عشية وضحاها يتيما». من جهته، يشير السيد عبد الرحمان عبد الدايم رئيس النادي السياحي الجزائري، إلى السياسة الجديدة المنتهَجة من طرف النادي، والرامية إلى تحسيس المعتمرين والحجاج بمسألة التكفل على الأقل بيتيم واحد عن بعد، وهو الأمر الذي يؤكد بشأنه المتحدث، أنه قد لقي استحسانا وتجاوبا كبيرا من طرف هؤلاء؛ ما يعني أن عدد كافلي اليتيم بالوطن في ارتفاع مستمر. وأشار المتحدث خلال الندوة المنعقدة بمناسبة إحياء يوم اليتيم الوطني، إلى أن النادي سمح لهيئة الفورام، بموجب اتفاق مسبق، بعقد لقائها التحسيسي لبرنامج كفالة اليتيم على هامش انعقاد الجمعية العامة للنادي رفقة شركائه، وهو ما يسمح باستمالة رجال المال والأعمال والمؤسسات الاقتصادية والتجارية نحو ذات المسألة. في السياق، يشير البروفسور مصطفى خياطي إلى مساعي هيئته لكفالة نحو 10 آلاف يتيم بنهاية 2013، في الوقت الذي تشير الإحصائيات الحالية إلى كفالة 6 آلاف يتيم من بين 200 ألف في حاجة ماسة للتكفل، خاصة أن أغلبهم معوزون وفي حاجة لدعم مادي ومعنوي بصفة مستعجلة، مع الإشارة إلى أن كفالة البنات قد وصلت نسبتها إلى 52 %، و48 % بالنسبة للذكور اليتامى. وختم البروفسور حديثه إلينا بتقييم عملية كفالة اليتيم بالمجتمع الجزائري بقوله: «لقد ذُهلنا حقيقة بدفء الأسرة الجزائرية التي طلبت كفالة يتيم، ووقفنا على المشاعر الطيبة التي تبديها ذات الأسر تجاه ذات الخطوة، بل أشير إلى أن بعض الأسر تطلب كفالة يتيم آخر بعد أن كفلت يتيما من قبل، فقط بقي أن نؤكد على نقص التحسيس وسط الأسر، بإمكانية كفالة يتيم عن بعد؛ أي بإبقاء اليتيم وسط عائلته وأن يقوم الكافل بصب مبلغ نقدي أقله 3 آلاف دينار في الشهر، في رصيد الطفل اليتيم، ويقوم أحد أفراد عائلته بصرفه على احتياجاته، وهو ما يعني مضاعفة الجهود لتحقيق ذلك».