السفير العراقي بالجزائر يقدّم كتابه باتحاد الكتّاب الجزائريين قال السفير العراقي بالجزائر السيد عدي الخير الله، إن كتابه “بعد نصف قرن على استقلال وطن يتجدد، الجزائر في الذاكرة العراقية”، يحمل شهادات ووثائق تدل على مساندة العراق شعبا وحكومات للثورة الجزائرية، وهو دليل على شدة أواصر العلاقات بين بلدين التقيا على الدوام في مجابهة التحديات الكبرى. وأضاف السفير خلال استضافته أمس بمقر اتحاد الكتّاب الجزائريين، أن ذاكرة الأفراد مرتبطة بأحداث مقيَّدة بزمن محدَّد، بيد أن ذاكرة الشعوب محفوظة أبد الدهر. وفي هذا السياق، احتفظت ذاكرة الشعب العراقي بتفاعلها مع الثورة الجزائرية، فوقفت مثل الرجل الواحد خلفها رغم تعاقب الأنظمة التي حكمتها، ليؤكد في الأخير عن حبه الكبير للجزائر وشدة إعجابه بكل الصفات المشتركة بين الشعبين إلى درجة جعلته يطرح سؤالا حول مدى تطابق أصل الشعبين الجزائري والعراقي. من جهته، قال الشاعر عبد الرحمن الكناني إن العراقيين فكروا في الاحتفال مع الجزائريين بعيد استقلالهم الخمسين، ولم يجدوا أفضل من كتاب يؤرخ ويوثق العلاقات بين الشعبين، مضيفا أن هذا الكتاب لم يُكتب بصيغة منهجية أكاديمية بل خُط بلغة الحواس التي اعتبرها أصدق للتعبير وأقدر للتواصل مع كل فئات المجتمع. أما عن رئيس اتحاد الكتّاب الجزائريين السيد يوسف شقرة فقال في مداخلة قصيرة عنونها: “وطن يتجدد، وطن أبدا لا يتبدد”، إنه بعد نصف قرن من استقلال الوطن، تتجدد الجزائر في الذاكرة العراقية” ،مشيرا إلى أنه كان شغوفا بالتعرف على تفاعل العراقيين مع الثورة المعجزة، كما وجد في انتصار الجزائريين بنيل استقلالهم، انتصارا كبيرا للعراقيين أنفسهم، من خلال الانتهاء من استعمار دام طويلا وكذا باسترجاع أرض عربية. وأضاف شقرة أن العراق هي أول بلد اعترفت بالحكومة الجزائرية المتنقلة، كما أنها قطعت علاقتها بفرنسا رغم أن سبعين بالمائة من نسبة المشاريع الكبرى كانت بين أيدي شركات فرنسية، مضيفا أن الجزائر أيضا لم تتأخر بعد الاستقلال، في الوقوف مع العراق في محنها، خاصة في حربها ضد إيران. للإشارة، تضمّن الكتاب مقدمة وأربعة فصول، وهي “دعم العراق لثورة التحرير الجزائرية” و«شهود على وقائع تاريخية” و«الثورة الجزائرية في الأدب العراقي” و«وثائق في رفوف التاريخ”. وجاء في بعض مقدمة الكتاب بقلم السفير عدي الخير الله، أن الثورة الجزائرية تلقت دعما كبيرا وحقيقيا لا مثيل له من أبناء الشعب العراقي بكل شرائحه وقواه الوطنية وحكوماته المتعاقبة، في ظل النظامين الملكي والجمهوري، كما كان العراق البلد الأول في العالم الذي اعترف بالحكومة الجزائرية المتنقلة، فضلا عن فرضه لمناقشة القضية الجزائرية في الأممالمتحدة عام 1955. وجاء أيضا في المقدمة أن العراق كان في مقدمة الدول العربية التي رحّبت بالبعثات الجزائرية التي أرسلتها جمعية العلماء المسلمين، كما ارتفع لأول مرة صوت الإذاعي الجزائري الشهير عيسى مسعودي في بغداد، مرددا عبارته الشهيرة “يا فرنسا، أكاذيب تكشفها الحقائق”. وجاء أيضا في نفس الإطار، أن الجزائر وقفت مع كل أشقائها العرب منذ اللحظات الأولى للاستقلال، فقد تنادت القيادة الجزائرية حين نشبت الحرب العراقية الإيرانية للقيام بدورها العربي المؤثر من أجل إنهاء هذه الحرب الخاسرة، كما أطفأت الجزائر من قبل نيران الحرب قبل اندلاعها حين استضافت العراق وإيران ودفعتهما لإبرام اتفاقية ثنائية عام 1975، علاوة على تقديمها لمساعدات إبان الحصار الظالم الذي فُرض على العراق، إضافة إلى أن العلاقات التاريخية بين الشعبين لا تخضع لتقلبات مزاجية ولا تحددها مصالح آنية ولا تتأثر بفجوات التباعد السياسي. أما عن الفصل الأول للكتاب، فتضمّن مواقف العراقيين تجاه الثورة الجزائرية مثل التبشير بها في المساجد وجمع التبرعات والقيام بحركة احتجاج عقب اختطاف قادة الثورة الجزائرية وهم على متن الطائرة وغيرها من المواقف المشرفة، في حين حمل الفصل الثاني شهادات على وقائع تاريخية، مثل شهادة المجاهدة جميلة بوحيرد التي قالت: “أنا أحمل للعراق حب الوطن، حب الانتماء للبلد الذي شرّفني بالجنسية ومنحني حق الانتماء إليه”، إضافة إلى شهادات المجاهد منسل الصديق الذي قال إن العراق كانت القاعدة الخلفية للثورة الجزائرية، بينما قال عبد الحميد زوبا من فرقة جبهة التحرير لكرة القدم، إن مشاعر العراقيين لم تفارق ذاكرته. وتضمّن الفصل الثالث من الكتاب مقتطفات من الأدب العراقي حول الجزائر، مثل قصيدة نازك الملائكة “نحن وجميلة”، والشاعر سعدي يوسف “طريق إلى قسنطينة”، بينما تطرّق الكاتب في الفصل الرابع إلى موضوع الدبلوماسية كسلاح العراق في دعم ثورة الجزائر ووثائق في رفوف الجامعة العربية والأممالمتحدة. في إطار آخر، قدّم رئيس اتحاد الكتّاب الجزائريين يوسف شقرة، وسام الاتحاد لسفير العراق بالجزائر عدي الخير الله.