تعززت الساحة الثقافية، مؤخرا، بإصدار جديد عن منشورات »الإبريز« بالجزائر، بقلم سفير العراق بالجزائر، عدي خير الله، والذي إختار له عُنوان»بعد نصف قرن على استقلال وطن يتجدد ..الجزائر في الذاكرة العراقية« يحاول من خلاله اختزال وقائع ومسيرة تاريخية هامة طبعت البلدين في شتى الميادين، بهدف » نفض غبار النسيان وفتح الأوراق المدونة بتفاصيلها الدقيقة لتطلع عليها أجيال جديدة لم تعش الحدث«. وقال المؤلف في مقدمة كتابه »الجزائر في ذاكرة عراقية« أن الغرض من »تناول فصول من وقائع تاريخية معاصرة للعلاقة بين الشعبين هو» غرس جذورها في ذاكرة جيل جديد شغلته اختراعات العصر الحديث عن قراءة تاريخ يعزز فيه روح الهويّة ، ويرتقي به نحو أسمى معاني الانتماء« وقد عاد السفير في هذا المؤلف الذي جاء في طبعة أنيقة المُعنون ب »بعد نصف قرن على استقلال وطن يتجدد ..الجزائر في الذاكرة العراقية« والمزود بصور تذكرية عن وزيارات العديد من قادة الثورة الجزائرية لبغداد أثناء وبعد الثورة التحريرية وصور تاريخية عن مظاهر التضامن العراقي شعبا و حكومة مع الثورة الجزائرية إلى تاريخ تلك العلاقة الأخوية التي كانت تربط بين الشعبين حتى قبل اندلاع الثورة التحريرية. وافرد المؤلف في كتابه الذي يقع في 94 صفحة ويتزامن صدوره مع الاحتفال بخمسينية الاستقلال حيزا هاما لعظمة الثورة الجزائرية التي بعثت الأمل في نفوس العرب خاصة بعد نكسة 1948 كما أشاد بشجاعة وحنكة قادتها متوقعا عند أحداث ومواقف مشهودة في مسار كفاح شعب من أجل حريته. ومن بين الأسماء التي ذكرها و كان لها وقع في نفوس العراقيين الشيخ البشير الإبراهيمي الذي كان مدرسا و خاطبا لفترة في مساجد بغداد و أيضا المجاهدة جميلة بوحيرد التي لها كما كتب »محبة خاصة في قلوب الشعب العراقي« باعتبارها رمز لنضال المرأة عربيا وعالميا إلى جانب أسماء لشهداء و مجاهدين زاروا العراق لأسباب سياسية أو لطلب العلم في شتى الميادين يما فيها الحربية. كما استعرض الكاتب أهم المواقف التضامنية للشعب العراقي مع شقيقه الجزائري أثناء الثورة مسجلا أدق تفاصيل الحراك الشعبي اليومي في شوارع و مدن العراق و مواقف مناضله و نقابيه و شعراءه الذين مجدوا في قصائدهم أروع بطولة المجاهدين ومن بين المواقف التي تعبر عن تلك المساندة العراقية كما سجل المؤلف صدور أول اعتراف بالحكومة الجزائرية المؤقتة من العراق و كذا تحديد »يوم الجزائر« في 30 مارس 1958 وكان ذلك كما أكد »فرصة عربية وعالمية لترجمة التضامن مع الثورة الجزائرية بتنظيم فعاليات شعبية وجمع التبرعات « مذكرا بحضور فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم بالمناسبة و إجراءه 3 مباريات. و ذكر أيضا في هذا الكتاب بأجواء استقبال العراق لرئيس الحكومة المؤقتة فرحات عباس سنة 1959 وأيضا مشاركة بلاده في كل الخطوات العالمية الرامية إلى مساندة القضية الجزائرية و كشف الممارسات الوحشية للاستعمار الفرنسي و من هذا المنطلق شارك العراق بقوة في الحملة العالمية لوقف التجارب النووية الفرنسية في الصحراء. كما لم يتوان السفير في الحديث عن دور الإعلام العراقي خاصة الإذاعة في توعية الرأي العام والتعريف بالقضية الجزائرية و فتح أمواجها لبث أخبار عن الجزائر بأصوات جزائرية حيث كانت تبث باستمرار قصائد شاعر الثورة مفدي زكريا، إذ تحدث السفير الخير الله في كتابه عن الثورة الجزائرية في الأدب العراقي مستشهدا بمقاطع لكبار شعراء بلاده منها قصيدة للشاعرة الكبيرة نازك الملائكة بعنوان » نحن و جميلة«. و تطرق في »وثائق في رفوف التاريخ« إلى دور الدبلوماسية العراقية في دعم ثورة الجزائر وتجاوبها مع مطالب الشارع العراقي.