استفادت ولاية سكيكدة، في إطار التدابير المتخذة لإعادة الاعتبار للبناء القديم، من غلاف مالي قدره 1.5 مليار دج بعنوان سنة 2012، موجه بالخصوص لترميم 260 عمارة تضم 3338 سكنا، موزعة على مستوى 18 موقعا رئيسيا عبر 04 بلديات، منها 14 موقعا بعاصمة الولاية. وحسب مصالح الولاية، فإن عملية الشروع في ترميم كل تلك السكنات هي في طور المناقصة، علما أنه وأمام الوضعية الحرجة التي تشهدها المدينة العتيقة لسكيكدة التي تعود كل بناياتها إلى الحقبة الاستعمارية الأولى، أمام توالي عمليات الانهيار المستمرة للبنايات الهشة على قاطنيها، وما خلفته هذه الأخيرة من ضحايا، دفع لجأت السلطات الولائية سنة 2011 إلى تشكيل ”خلية أزمة” على مستوى ديوان والي الولاية، أسندت إليها مهمة مرافقة مركز المراقبة التقنية للبنايات للشرق عند مباشرته لعملية إجراء الخبرات التقنية لكل البنايات الواقعة بمدينة سكيكدة القديمة، خاصة تلك المتواجدة على مستوى أحياء النابوليثان، علي عبد النور، قدور بليزيدية، مكي أورتيلاني والسويقة. كما تمت الاستعانة بفريق تقني متخصص، مكون من مهندسين معماريين سبق لهم التعامل مع ملف البنايات القديمة بكل من ولايتي عنابة وقسنطينة. كما قام مختصون من جامعة سكيكدة بإنجاز تحقيق ميداني اجتماعي اقتصادي مس كل الأحياء العتيقة المتواجدة بالمدينة، في إطار الدراسة الشاملة الرامية إلى إعطاء تشريح دقيق لهذه الأحياء التي تتواجد فيها تلك السكنات القديمة، من أجل التكفل الناجع بها، لاسيما الجانب المتعلق بكيفية استغلال المساحات المهدمة أو تلك التي ستخضع للتهديم، قصد إعادة تعميرها بما يتلاءم وطبيعة الحي, وبالموازاة، قام أيضا خبراء من مدينة برشلونة الإسبانية، بمعية أعضاء من جمعية ”ريحابيماد” التي تضم خبراء مختصين، في إعادة تهيئة السكنات والعمارات القديمة الموجودة على حوض المتوسط، بإعداد تصور عن إمكانية إعطاء مفهوم حداثي للتجديد الحضري لكل أحياء مدينة سكيكدة العتيقة، بما في ذلك سكنات الأقواس الممتدة على طول الشارع الرئيسي ديدوش مراد، انطلاقا من نموذج مدينة برشلونة الإسبانية التي خضعت لعملية تجديد دون المساس لا بطبيعة سكناتها ولا بهندستها وهندسة أحيائها العتيقة. علما أن الحظيرة السكنية الهشة بولاية سكيكدة تقدر بأكثر من 26000 وحدة، أغلبها موزعة بعاصمة الولاية. وإذا كانت الجهات الولائية قد أولت، مؤخرا، عناية خاصة بملف السكنات الهشة والعتيقة الموزعة عبر كامل تراب الولاية، بالخصوص تلك المتواجدة بمدينة سكيكدة، كون البنايات المنجزة بها تعود في مجملها إلى الفترة الأولى من تأسيس مدينة سكيكدة يوم 09 فيفري 1843، إلا أن أمل المواطنين يبقى قائما في أن تتجسد مشاريع الترميم والصيانة على أرض الواقع، وألا تبقى حبيسة الأدراج، خصوصا أنه سبق وأن أنجزت دراسات في مدينة سكيكدة خلال أعوام 1994 /1997 / 2000 /2007، غير أنه وبسبب غياب المتابعة، لم تتجسد أشغال الصيانة في حينها، مما ساهم في تعقيد وضع كل سكنات سكيكدة الهشة، بما في ذلك سكنات الأقواس التي لم تعد تحتمل ثقل السنين. كما يبقى السؤال أيضا مطروحا بشدة في سكيكدة عن السكنات المهدمة المهجورة التي تحولت إلى أوكار لممارسة كل الرذائل والآفات الاجتماعية، كما وقفنا على ذلك على مستوى أحياء نهج عبد الحميد بوثلجة بوسط سكيكدة، بمحاذاة مسجد سيدي علي الأديب، إلى جانب الحي الإيطالي العتيق والسويقة، مما جعل قاطني السكنات التي تتواجد بها هذه الأخيرة يدقون ناقوس الخطر، مطالبين الجهات المختصة بالتدخل العاجل لوضع حد لكل مظاهر الانحراف التي أصبحت عليها تلك السكنات الهشة.