قالت الأستاذة في علم الاقتصاد، السيدة فاطمة الزهراء أوفريحة، أن غياب النخبة في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية، يؤثر بشكل أو بآخر على التنمية في أي مجتمع، مشيرة إلى أن عدم فعالية الإصلاحات التي باشرتها الجزائر خلال فترة الثمانينيات، راجع لعدم ايلاء الاهتمام لهذه النخبة التي تحتاج إلى العناية، مثلما يتم العناية بالمؤسسات الاقتصادية واليد العاملة المؤهلة. وقالت السيدة أوفريحة في محاضرة ألقتها، أمس، بمركز البحوث في الاقتصاد التطبيقي من أجل التنمية بجامعة بوزريعة تحت عنوان :«الثقافة والتنمية في الجزائر والبلدان العربية"، أنه على الدول العربية التعمق في نقاشات الفكر الاقتصادي التي برزت خلال العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، كونها تجيب على كافة الانشغالات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها المجتمعات العربية، بعيدا عن التطرف في الأفكار، مستشهدة في هذا الصدد، بمؤلفات للعلامة الإسلامي" ابن رشد" الذي أرسى نظريات بإمكانها أن تحل العديد من المشاكل المعاصرة. وأوضحت السيدة أوفريحة، أن مشكل المجتمعات العربية والإسلامية بشكل عام يكمن في كونها تستورد أنماط التسيير غير الملائمة من الدول الغربية لمعالجة مشاكلها الداخلية، دون أن تأخذ بعين الاعتبار معطياتها وقيمها الاجتماعية والثقافية، والتي تختلف عن المجتمع الأوروبي الذي تخلى بدوره مع الثورة الصناعية خلال القرن ال18 عن قيمه الدينية والثقافية، مما أدخله في جملة من المشاكل التي تتجلى حاليا في الأزمات التي يمر بها. وفي سياق تشخيصها للواقع العربي، أشارت أستاذة الاقتصاد إلى أن مشكل الدول العربية هو غياب النخبة التي يفترض أن تتشكل من اقتصاديين ومفكرين، بإمكانهم تقديم طروحات من شأنها أن تخدم واقعهم التنموي. واستشهدت في هذا الصدد، بتجربة كوريا الجنوبية التي ركزت بعد خروجها من الحرب مع اليابان على بناء النخبة، لتوكل لها فيما بعد مهمة تسيير مؤسسات اتخاذ القرار. مما يعني –حسب السيدة أوفريحة –إننا نحتاج لجيل كامل لبناء هذه النخبة، باعتبار أن المستعمر الفرنسي في الجزائر مثلا كان يسعى إلى محو مقومات الشخصية الوطنية والمعنى الانثروبولوجي للثقافة الجزائرية. يذكر، أن الأستاذة فاطمة الزهراء أوفريحة متحصلة على درجة الأستاذية في العلوم الاقتصادية سنة 1984، وعملت في مركز البحوث في الاقتصاد التطبيقي للتنمية بدرجة مدير بحث منذ سنة 1986، وأستاذة مشاركة وزائرة في العديد من الجامعات الوطنية والأجنبية، كما شغلت مقعدا في مجلس النقد والقرض، وساهمت في تأسيس جمعيات عدة متخصصة في الدراسات السكانية والديموغرافيا والمرأة. وتوجهت السيدة أوفريحة مؤخرا نحو الدراسات التاريخية، مما سمح لها بإعادة دراسة تاريخ المغرب الأوسط وتلمسان على الخصوص، كما سمحت لها تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية بنشر ثلاثة مؤلفات دفعة واحدة عن " سيدي بومدين وابن رشد: قامتان من الغرب الإسلامي".