قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر أمس، بحل مجلس الشورى واللجنة التأسيسية التي كلفت بصياغة مشروع الدستور المصري الجديد، في قرار فاجأ الطبقة السياسية وأعاد الجدل في مصر إلى نقطة البداية حول دستورية القوانين المصادق عليها إلى حد الآن منذ اعتلاء الرئيس محمد مرسي مقاليد السلطة في القاهرة. وبنت المحكمة الدستورية قرارها انطلاقا من عدم شرعية القانون الذي تمت بمقتضاه انتخاب أعضاء مجلس الشورى، الذي يسيطر عليه الإسلاميون من حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه الرئيس محمد مرسي. ولكن رئيس المحكمة الدستورية القاضي ماهر البحيري، أكد أن مجلس الشورى سيبقى قائما إلى غاية انتخاب برلمان جديد دون أن يحدد ما إذا كان لهذه الهيئة التشريعية القدرة على إصدار القوانين. وتضاربت المواقف حول دور هذه الهيئة التشريعية وما إذا كانت صالحة لإصدار القوانين، حيث انقسمت مصادر مصرية على قدرتها على ذلك، بينما رأت أخرى أنه لا يحق لها ذلك. وقالت مصادر قانونية مصرية، إن الغرفة النيابية الثانية لا يمكنها صياغة والمصادقة على القوانين، من منطلق أن كل القوانين التي ستصدرها سيتم الطعن في مشروعيتها لاحقا، بسبب عدم دستورية وجودها أصلا كهيئة تشريعية. وأكدت مصادر قضائية، أن مجلس الشورى الذي يبقى هيئة تشريعية دون سلطة فعلية تم تأهيله لصياغة القوانين في غياب مجلس الشعب الذي تم حله بقرار من العدالة المصرية. ولذلك فإن نوابه بإمكانهم إصدار قوانين لتنظيم الانتخابات العامة المقبلة والتي شرع في مناقشتها قبل إصدار المحكمة الدستورية قرارها أمس. وفي سياق هذا الجدل، الذي سيشتد في مصر على خلفية الصراع بين السلطات المصرية وأحزاب المعارضة، فإن الإشكالية التي ستطرح من جديد حول وثيقة الدستور المصري ومدى شرعيته، على اعتبار أن المجلس الدستوري غير شرعي وكل القوانين التي أصدرها غير شرعية. إلا أن مصادر أخرى، أكدت أن الدستور المصري المصادق عليه نهاية العام الماضي يستمد شرعيته من نتائج استفتاء الشعب المصري وحصوله على أغلبية الناخبين المصريين. ومهما يكن الأمر حول مدى مشروعية القوانين التي صدرت في ظل مجلس الشورى المطعون في شرعيته، فإن قرار المحكمة الدستورية العليا يعد ضربة قوية للرئيس محمد مرسي، الذي ما انفك يصف المجلس الشورى بأنه نموذج للديمقراطية الفتية في مصر. فالقرار القضائي سيعيد المعارضين للرئيس مرسي إلى الواجهة، وهم الذين دخلوا في صراع وحملة انتقادات لاذعة على خلفية نص الدستور الجديد الذي رأوا فيه بمثابة وثيقة لأسلمة المجتمع المصري، وإحكام قبضة الإسلاميين على كل مناحي الحياة بما سيهدد الحريات العامة والديمقراطية في البلاد. وقال احمد رامي الناطق باسم حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لحركة الإخوان، إن الحزب بصدد مناقشة تداعيات قرار الحل، ولكنه أكد أن مجلس الشورى سيواصل العمل لتفادي الوقوع في فراغ تشريعي. ولكن المتتبعين للشأن المصري، أكدوا أن قرار المحكمة الدستورية سيكون له وقع الصدمة على الرئيس محمد مرسي وعلى حركة الإخوان لأنهما كانا يريدان تمرير القوانين عبر مجلس الشورى الحالي، لإدراكهما المسبق أنها لن تمر عبر برلمان منتخب جديد. والمؤكد، أن القرار سيعيد المعادلة السياسية إلى نقطة البداية بالدعوة أولا إلى انتخابات مسبقة ينتظر أن تجرى الخريف القادم، بعد أن شككت المحكمة الدستورية في مشروعية القوانين التي تؤطرها. ولكن الرئاسة المصرية سارعت إلى حسم الموقف لتفادي هذا الفراغ، وأكدت أن مجلس الشورى سيواصل إصدار القوانين إلى غاية انتخاب برلمان جديد وتحويل صلاحياته إلى مجلس الشعب الجديد. وهو نفس الأمر بالنسبة للدستور المصري الذي سيبقى ساري العمل به، رغم طعن المحكمة الدستورية في شرعية لجنة صياغته، وبقناعة أن حماية واحترام الدستور الذي تم استشارة الشعب بشأنه وتمت المصادقة علية بالأغلبية تبقى مهمة كل السلطات في الدولة المصرية".