عمقت اتهامات واشنطنلدمشق باستخدام السلاح الكيماوي في حربها ضد المعارضين المسلحين في سوريا، هوة الخلاف والانقسام الحاصل على الساحة الدولية بشأن سبل احتواء أزمة سورية دامية راح ضحيتها ما لا يقل عن 100 ألف قتيل. ورفضت دمشق أمس جملة وتفصيلا اتهامات واشنطن باستخدام قوات النظام السوري للسلاح الكيماوي ووصفتها بالكاذبة والمفبركة، وهدفها تقديم مبرر لتسليح المعارضة السورية الناشطة على أرض المعركة.
وجاء نفي دمشق بعد ساعات قليلة فقط من اعتبار موسكو الحليف التقليدي لدمشق اتهامات واشنطن بغير المقنعة، وانتقدت القرار الأمريكي برفع حجم المساعدة لفائدة المعارضة السورية المسلحة، بما فيها المطالبة بإنشاء منطقة حظر جوي صغيرة. هذه المنطقة التي أكدت فرنسا أن احتمالات الحصول على ضوء أخضر من قبل مجلس الأمن الدولي، الذي يبقى الهيئة الوحيدة المخولة لاتخاذ مثل هذا القرار تبقى ضئيلة، بالنظر إلى موقفي كل من روسيا والصين الحليفتين التقليديتين لدمشق في مجلس الأمن. وقال مصدر مسؤول من وزارة الخارجية السورية أمس، إن "البيت الأبيض نشر بيان محشو بالأكاذيب حول استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، معتمدا في ذلك على معلومات ملفقة هدفها تحميل الحكومة السورية مسؤولية مثل هذا الاستخدام". واعتبر المصدر السوري، أن واشنطن ومن خلال هذه الاتهامات أرادت تقديم مبرر من أجل تزويد المعارضة بالسلاح، خاصة في ظل تراجعها على أرض المعركة أمام تقدم القوات النظامية التي تمكنت مؤخرا من استرجاع مدينة القصير الواقعة عبر الحدود مع لبنان، وهي الآن تعمل من أجل فرض سيطرتها على حلب ثاني كبرى المدن السورية. وقال إن اتهامات واشنطن، جاءت بعد تقارير أكدت أنّ من وصفهم ب«الجماعات الإرهابية المسلحة النشطة في سوريا"، في إشارة إلى المعارضة المسلحة "تمتلك السلاح الكيماوي القاتل والتكنولوجيا الضرورية لصنعه".وجاءت ردة الفعل السورية بعد ساعات قليلة من تصريح يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي الذي قال "إننا نقول بوضوح إن ما قدمه الأمريكيون يبدو لنا غير مقنع"، وأضاف المسؤول الروسي الذي اعتبر قرار واشنطن بزيادة حجم المساعدة للمعارضة السورية، سيعقد جهود السلام أنه "من الصعب أن يصف ما قدمه الجانب الأمريكي من معلومات عن استخدام السلطة السورية للأسلحة الكيميائية، بأنها معطيات حول ما حدث على أرض الواقع". وكان البيت الأبيض اتهم أول أمس علنا ولأول مرة الحكومة السورية باستخدام قواتها للأسلحة الكيمياوية وخاصة غاز السارين المحظور في حربها على المعارضين المسلحين، وقال إن لديه أدلة على استخدام النظام لهذه الأسلحة التي تسببت في مقتل ما بين 100 إلى 150 شخصا. وهو ما دفع بالمسؤول السوري لطرح تساؤلات حول حقيقة النوايا الأمريكية من احتواء الأزمة السورية سلميا، في إشارة إلى الجهود التي تبدلها إلى جانب روسيا لعقد ندوة دولية تجمع الفرقاء السوريين إلى طاولة حوار واحدة. والحقيقة، أن اتهام الإدارة الأمريكية في هذا التوقيت بالتحديد الذي تجري فيه تحضيرات مكثفة من أجل عقد ندوة جنيف 2 التي ترى فيها المجموعة الدولية بمثابة الفرصة الأخيرة لاحتواء الأزمة السورية بالطرق السلمية، يطرح أكثر من علامة استفهام. وأول ما يتبادر إلى الذهن، ما إذا كانت واشنطن من خلال هذه الاتهامات تريد إيجاد مبرر قوي لها لتزويد المعارضة السورية بالسلاح، الذي تطالب به منذ فترة بعد خسارتها في معركة القصير وصعوبة صمودها أمام قوات النظام السوري في معركة حلب. ويجد مثل هذا التساؤل مصداقيته، خاصة وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرر تقديم دعم عسكري إلى المعارضة السورية، حيث قال بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي للشؤون الإستراتيجية، أن الولاياتالمتحدة قررت تعزيز دعمها العسكري للمعارضة في سوريا. وقال إن المساعدة "ستغطي أهداف مختلفة، وهدفها تقوية تماسك المعارضة السورية وفعالية المجلس العسكري الأعلى على الأرض، وجهوده للدفاع عن نفسه ضد نظام لم يظهر أية حدود لرغبته في قتل مدنيين". قرار حتى وإن لم تعترض عليه ألمانيا، وقالت إنها تحترمه إلا أنها جددت موقفها الرافض لأي تورط عسكري لها في سوريا، وهو نفس التورط العسكري الذي لا تريده الولاياتالمتحدة، وجعلها تفكر في تسليح المعارضة السورية دون إرسال جنود إلى سوريا لتبقي قواتها بعيدة عن حرب هي في غنى عنها.