عرضت السيدة زهرة باشا حرفية من ولاية الجزائر العاصمة، مجموعة من الأواني الفخارية التقليدية خلال المهرجان الوطني لإبداعات المرأة، الذي نُظم تخليدا للذكرى الخمسين للاستقلال، والذي حمل هذه السنة شعار ”أرضي حرية إبداعي” بقصر رياس البحر. أُعجبت الحرفية زهرة باشا منذ صغرها بحرفيّي الأرض بمنطقتي ميشلي وبوغني. دخلت مجال صناعة الفخار بفضل أختها، التي علّمتها أصول هذا الفن على خلفية تجربتها الطويلة فيه، ومنذ ذلك الحين تبنت زهرة هذه الحرفة ولم تتوقف عن الإبداع فيها. وأبدت في حديثها إلى ”المساء” عن إعجابها الكبير بصناعة الأواني الفخارية التقليدية، التي أدخلت عليها لمساتها الشخصية التي أعطتها نوعا من الحداثة. وأكدت زهرة أن إمكانيتها في صنع قطع فنية بمثابة حلم قد تحقق بفضل إرادتها القوية، التي جعلتها مع مرور الوقت لا تكتفي بصناعة الأواني والشمعدان والقلل، بل أبدعت إلى درجة وصولها إلى صناعة السلاسل والأقراط والأحزمة انطلاقا من التربة والطين الأبيض والأحمر. وقالت زهرة: ”كانت النساء يصنعن جميع أنواع الأواني الفخارية المصنوعة من ”الطفلة”، وهو نوع من الطين للأغراض المنزلية التي تُستعمل للطبخ ولتخزين الزيت أو نقل الماء. وقد برعت النساء في صناعة القدور والأباريق والمباخر وغيرها، وقد تفنن فيها وأحدثن زخارف محفورة برسوم نباتية وحيوانية وهندسية غاية في الروعة والدقة، بالإضافة إلى البراعة في التلوين، وذلك باستعمال شعرات صغيرة للماعز، التي تعطي دقة لا نظير لها”. وعن طريقة صنع هذه الأواني حدّثتنا الحرفية عن مختلف المراحل التي تمر بها في صناعة الأواني الفخارية، فقالت: ”تجلب المرأة الماء والطين الأبيض أو الأحمر، تربطه بعد إضافة بعض المساحيق، منها الرخام في بعض الأحيان وتدلكها جيدا، ثم تأخذ قطعة من الطين المعجونة وتضعها على قاعدة، وتضغط المرأة بيديها وسط هذه الكتلة الطينية، مستعينة بإبهامها حتى تتخذ شكلا أسطوانيا، وبعد الانتهاء من صناعتها تأخذ أداة من الخشب أو معدنا تزيل بها الطين المتراكم على الآنية، ثم تملّسها بإبهامها، ثم تطهيها اثنين أو ثلاث مرات لمدة ست ساعات داخل الفرن، وبين كل طهية وأخرى تنقش عليها بعض الأشكال الهندسية الموروثة، والصقل ليس ضروريا في كل الأوقات. وبعد إنجاز القطعة تُترك حتى تجف. ثم تجمع المرأة كومة كبيرة من الخشب أو الحطب وتضعها وسط الآنية، ثم تشعل النار، وتضع فوقها حطبا آخر. وعند الانتهاء من عملية الطهي تُخرج الآنية ثم ”تبوّجها”. والتبويج يعني تنظيفها مما علق بها من الفحم والغبار، وقد تكون عن طريق طبخ بعض الطعام ثم رميه؛ لأنه يعلق به ما بقي من عملية الصناعة، وهنا يمكن الاستعانة بطبخ معكرونة فاسدة، هذا في حالة الأواني المستعمَلة للطهي؛ لضمان صحتها”.