يحتضن قصر الثقافة إلى غاية نهاية شهر جوان الجاري، فعاليات الطبعة الثالثة للصالون الوطني للصورة الفوتوغرافية الطريفة، بمشاركة 45 مصورا من مختلف مناطق الوطن قدّموا ما التقطته عدساتهم؛ من مواقف طريفة أو تناقضات خاصة بيوميات الجزائريين. هذه الطبعة التي سمحت بالوقوف عند أهمية مثل هذه المواعيد وكشفت العديد من المواهب المنتشرة عبر الوطن، رفعت شعار «التصوير في الجزائر يستقر في مجال الفنون البصرية»، فاجتمع المصورون المحترفون والهواة حول العدسة ليقدّموا أجواء من الفرجة والمتعة مع التركيز على الضحك المطلوب من الجمهور بإلحاح، والذي أثارته لقطات مجنونة وصور مدهشة. يَسخر هؤلاء المصورون بطريقتهم من أحداثٍ ما ويقدّمونها في قالب يشد الانتباه؛ من خلال تقنيات التصوير. واستطاع هذا الصالون أن يثبت حضوره ويستمر لعامه الثالث ويستقطب عشاق «الزوم» من كل الأجيال، وأن يكون منبرا للإبداع والحرية، كما استطاع اكتساب الكثير من التجربة وفتح آفاق جديدة أمام المشاركين مع منحهم فرصة التكوين والتأطير في ورشات تقام تزامنا مع التظاهرة. ويُعتبر هؤلاء المصورون شهودا على يومياتنا البسيطة والمتكررة. من بين الصور التي اكتسحت رواق «باية» بقصر الثقافة نجد بعض الصور لزغاز فراس من العاصمة، الذي توقف عند عملية إنقاذ فوق عمود كهربائي تكفّلت بها فرقة الحماية المدنية، علما أن الكائن الذي أريدَ إنقاذه هو مجرد «قطة». ورصد من جهته لبون حمزة من سطيف، حوض استحمام زُرع في طريق عمومي، مما أعاق السير، فيما التقطت عدسة لعجال جعفر، تفاحة تحمل تقاسيم وجه بشري. للإشارة، لم يتقيد المصورون بمحيطهم (مدنهم وأحيائهم)، بل رصدت عدساتهم مظاهر في مدن أخرى، كما هو الشأن مع لعسكري علي من العاصمة، الذي رصد سيارة في إحدى طرق قسنطينة معبّأة عن آخرها بالسلع، كما رصت فوقها حمولة لا تطاق، وقد سمى هذه الصورة ب «الطاكسي المخفي». وجاءت «خرجة عائلية» تصوّر حلزونا حاملا ابنه في نزهة عقب توقف الأمطار، من توقيع «نوار حجيسة». أما صفوان عمر فرصد بدويا يركب حماره ويسير به على سكة القطار. كما رصد جمال مصطفة، شاحنة من الحجم الصغير تسير في إحدى مدن الجنوب. وحمل هذا الصالون الكثير الكثير من الصور التي رصدت مواقف طريفة، وكانت أغلبها من الحجم الكبير، وبألوان تعكس كلها تناقضات الواقع، كما تُبرز «خفة دم» الشعب الجزائري وولعه بالطرافة والمغامرة. وأكد بعض زوار المعرض على تقنياته الراقية، متمنين للمشاركين الشباب الاستمرارية، لكن رغم حضور بعض جماليات التصوير إلا أن بعض ما قُدم قد لا يكون له صلة مع الطرافة، مثل لقطات من طبيعة الجزائر، أو مثلا عرض بعض الطفرات الخلقية، كعرض رجل طفل ب 6 أصابع؛ فهذا لا يدعو إلى السخرية، وحتى صورة إنقاذ قطة من طرف الحماية المدنية ليست طريفة بقدر ما هي صورة إنسانية راقية في الرفق بالحيوان. من جهة أخرى، يلاحظ الزائر أن بعض الصور هي صور مركَّبة (مفتعلة)؛ كأن يطير شخص وهو يصوّر، أو قفزة غير طبيعية لبعض الأشخاص، وهي عموما لا تثير الضحك. على هامش المعرض تحدثت «المساء» للمصورة رحال هبة من العاصمة، التي أكدت مدى ولعها بفن التصوير وكيف أن لها العديد من الصور لكنها أحضرت الجديد والطريف منها؛ كي يتماشى وموضوع الصالون. وقد شاركت بصورتين التقطتهما منذ شهرين، وهي تؤكد أن الصورة الطريفة تعني الصدفة؛ لأنها ليست مباحة في أي وقت وحين؛ فهي حدث طريف وغريب يحدث في لحظة غير منتظَرة، وهبة تعشق فن «البورتريه» والطبيعة. وعلى العموم، يبقى المعرض فضاء لعرض الإبداعات، ومجالا للتواصل بين المصوّرين وفرصة لاكتشاف الخبرة والمهارات.